الدَّاخلُ إذا دخلَ استقبلَهُ. فقال رسُولُ
اللَّه صلى الله عليه وسلم: «حَوِّلِي هَذَا، فَإِنِّي كُلَّمَا دَخَلْتُ
فَرَأَيْتُهُ ذَكَرْتُ الدُّنْيَا» ([1]). قال المؤلِّفُ:
«فلم يأْمُرْهَا بقطْعِهِ، وإنَّما أمرَهَا بتَحويلِه من مكانِه في مواجَهَةِ
الدَّاخلِ إِلَى البيتِ، إِلَى أن قال: وبهذا يتبيَّن أنَّ رسُولَ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم أقرَّ في بيتِه وجودَ السِّترِ فيه تمثالٌ، ووجود قرام فيه
تَصَاويرُ». ا هـ.
ويُجَابُ عن هَذَا
الاستدلالِ بما قالَه النَّوويُّ رحمه الله في «شرحِ صحيحِ مسلمٍ» (14/ 87): «من
أنَّه محمولٌ على أنَّه كان قبلَ تحريمِ اتِّخاذِ ما فيه صورةٌ؛ فلهذا كانَ رسُولُ
اللَّه صلى الله عليه وسلم يدخلُ ويرَاه ولا ينكِرُه قبلَ هَذِهِ المرَّة
الأخيرَةِ»، ا هـ.
ويؤيِّدُ ما ذكرَهُ
الإمامُ النَّوويُّ أنَّ مسلمًا أورَدَ في صدْرِ البابِ حَدِيثَ عائشَةَ الَّذي
فيه تحريمُ الصُّورةِ مُطلقًا، وساقَ ما بعده ليشيرَ إِلَى أنَّ العملَ على
الأوَّلِ، وهذه طريقةُ مسلمٍ في «صحيحِه» أنَّه يقدِّمُ في البابِ ما عليه العملُ،
ويذكر بعدَهُ ما فيه علَّةٌ أو لحقه التَّرك.
الخطأُ الخامسُ: في هَذَا الموضوعِ
زعمَ المُؤلِّف أنَّ تشديدَ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم في شأنِ الصُّورِ كان
في أوَّلِ الأمرِ، لقُربِ عَهدِهِم بالشِّركِ، فلمَّا استقرَّت عقِيدَةُ
التَّوحيدِ رخَّص في الصُّورِ الَّتي لا جسمَ لها.
ونحنُ نطالبُ فضيلتَهُ أنْ يأتِيَ بدليلٍ على هَذَا الزَّعمِ الَّذي زعَمَهُ. ومن أينَ له الدَّليلُ؟ والأدلَّةُ متضافِرةٌ على ردِّه وإبطَالِه، حيثُ تدلُّ على تحريمُ التَّصوير وتحريمُ الصُّورِ مطلقًا في جميعِ الأوقاتِ وفي جميعِ أنواعِ التَّصويرِ.
([1])أخرجه: مسلم رقم (2107).