×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

 والمؤلِّف نفسَه في أوَّلِ كتابِهِ قد قرَّر هَذِهِ القاعِدَة فقالَ: «ما أدَّى إِلَى الحرامِ فهو حرامٌ»، فلماذا يتنَاسَى ذلك هنا؟ وقد قالَ أيضًا في كتابِهِ في صفحِةِ (110): والنَّظرُ رسُولُ الفتنةِ وبريدُ الزِّنا وقديمًا قال الشَّاعرُ:

كلُّ الحوادثِ مبداها من النَّظر *** ومعظم النَّار من مستصغر الشَّررِ

وحديثًا قال آخرُ:

نظرةٌ فابتسامةٌ فسلامٌ *** فكلامٌ فموعِدٌ فلقاءُ

فما بالَه الآنَ يتساهَلُ في النَّظرِ؟

قال الشَّيخُ الصَّابونيُّ في هَذَا الموضوعِ من كتابِه «روائع البيان» (2/ 173): «والإسلامُ قد حرَّمَ على المرأةِ أن تكْشِفَ شيئًا من عورَتِها أمامَ الأجانبِ خشيَةَ الفتنةِ؛ فهل يعقَلُ أن يأمرَها الإسلامُ أن تستُرَ شعرَها وقدَمَيَها، وأنْ يسمحَ لها أن تكشِفَ وجْهَها ويديها؟ وأيِّهما تكون الفتنةُ أكبرُ؛ الوجْهُ أم القدمُ؟ يا هَؤُلاءِ! كونُوا عقلاء ولا تلبِّسُوا على النَّاسِ أمرَ الدِّينِ؛ فإذَّا كانَ الإسلامُ لا يُبيحُ للمرأةِ أن تدقَّ برِجْلِها الأرضَ لئلاَّ يُسمَعُ صوتُ الخلخالِ وتتحرَّك قلوبُ الرِّجالِ أو يبدو شيءٌ من زينَتِهَا؛ فهل يسمحُ لها أن تكْشِفَ عنِ الوجْهِ الَّذي هو أصْلُ الجمالِ ومنبع الفِتنَةِ ومكمَنِ الخطرِ». ا هـ.

وقال العلاَّمةُ الشّنقيطيُّ في «أضواء البيان» (6/ 602) ما نصُّه: «وبالجملَةِ فإِنَّ المُنصِفَ يعلمُ أنَّه يبعدُ كلَّ البُعدِ أن يأْذنَ الشَّارعُ للنِّساءِ في الكشفِ عنِ الوجْهِ أمامَ الأجانبِ، مع أنَّ الوجْهَ هو أصلُ الجمالِ، والنَّظر إليه من الشَّابَّة الجميلةِ أعظمُ إثارة للغريزَةِ البشريَّة، وداعٍ إِلَى الفتنةِ والوقوعِ فيما لا ينبغِي؛ ألم تَسمَعْ بعضهم يقولُ:

قلتُ اسمحوا لي أن أفوزَ بنظرةٍ *** ودَعُوا القيامةَ بعدَ ذاك تقومُ


الشرح