وهذا صريحٌ من
الإمامِ الشَّوكانِيّ أنَّه يرَى وجوبَ سترِ المرأةِ لوَجْهِهَا إذ إنَّ الوجهَ هو
موضعُ الزِّينةِ ومحلُّ الافتتانِ بها، ونساءُ الصَّحابةِ يكْشِفْن وُجُوههنَّ
حالةَ الإحرامِ، فإذَا مرَّ بهنَّ الرِّجالُ الأجانبُ ستَرْنَ وجُوهنَّ عنهم.
ممَّا يدلُّ على أنَّ المعتادَ عندَهم هو سَترُ الوجْهِ.
هَذِهِ بعضُ أدلَّةِ
الكتابِ والسُّنَّةِ على وُجوبِ سَترِ الوَجْهِ من المرأةِ عنِ الرِّجالِ الأجانبِ
وطرف من كلامِ أهلِ العلمِ عليها، ولو تتبَّعنا كلَّ ما وردَ وكلَّ ما قيلَ في
هَذَا الموضوعِ لاحتَجْنا إِلَى مجلَّداتٍ، لكنْ نكْتَفِي من ذلكَ بما تحصلُ به
الإشارَةُ.
الجوابُ عمَّا
استدلَّ به المؤلِّف:
1- أمَّا استدلالُ
المؤلَّفِ على جوازِ كشفِ الوجْهِ واليدينِ من المرأةِ بحضرَةِ الرِّجالِ الأجانبِ
بحديثِ عائشةَ في قصَّةِ دخولِ أسماء على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وقوله لها:
«إِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا بَلَغَتِ الْمَحِيضَ لَمْ تَصْلُحْ أَنْ يُرَى
مِنْهَا إلاَّ هَذَا وَهَذَا» وَأَشَارَ إِلَى وَجْهِهِ وَكَفَّيْهِ ([1])، فمن العجيبِ
استدلاَلُه بهذا الحديثِ مع اعتِرَافِه هو بضَعفِه! فكيف يعارِض به الأدلَّةَ
الصَّحيحَةَ من الكتابِ والسُّنَّةِ الدَّالَّة على تحريمِ نظرِ الرَّجلِ إِلَى
وجْهِ المرأةِ الأجنبيَّة، ووجوب ستْرِه عنه.
وأمَّا قولُهُ: «لكنْ تُقوِّيه أحادِيثُ صحاح في إباحَةِ رُؤيةِ الوَجْه والكفَّين عندَ أمْنِ الفتنَةِ»، فنحنُ نُطَالبُه أنْ يعيِّنَ هَذِهِ الأحاديثَ الَّتي ادَّعى أنَّها تقوِّيه وأنَّها صحاحٌ، كمَا نُطَالبُه أيضًا ببيَانِ الحدِّ الَّذي تُؤْمَن عندَهُ الفتْنَة حينَ النَّظر إِلَى وجْهِ المرأةِ الأجنبيَّة! وهل هناك أحدٌ يَأمَنُ على نفْسِه الفِتنَة في هَذَا النَّظر! أليسَ النَّظرُ وسيلةً إِلَى الافتتانِ!
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4104).