قال شيخُ الإسلامِ
ابن تيمية رحمه الله: «وهذا ممَّا يدلُّ على أنَّ النِّقابَ والقفَّازين كانا
مَعرُوفينِ في النِّساءِ اللاَّتي لم يُحْرِمْنَ؛ وذلك يقتضي سَتْر وجوههنَّ
وأيديهنَّ، وقال: ووجْهُ المرأةِ في الإحرامِ فيه قولانِ في مذهبِ أحمدَ وغيره؛
قيل: إنَّه كرأْسِ الرَّجلِ فلا يغطَّى. وقيل: كبَدنِه فلا يغطَّى بالنِّقابِ
والبرقعِ ونحو ذلك ممَّا صنعَ على قَدره، وهذا هو الصَّحيحُ فإنَّ النَّبيَّ صلى
الله عليه وسلم لم يَنْهَ إلاَّ عنِ القفَّازين والنِّقابِ وكنَّ النِّساء يُدنين
على وجوههنَّ ما يستُرُهَا من الرِّجالِ من غير ما يجافيها عنِ الوجْهِ؛ فعُلِمَ
أنَّ وجْهَها كبدنِ الرَّجلِ، وذلك أنَّ المرأةَ كلّها عورةٌ كمَا تقدَّم، فلها أن
تغطِّي وجهها لكنْ بغيرِ اللِّباسِ المصنوعِ بقدْرِ العضْوِ». ا هـ.
ومن أدلَّةِ
السُّنةِ على وجوبِ ستْرِ وجْهِ المرأةِ: حديثُ عائشةَ رضي الله عنها
قالت: «كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى
الله عليه وسلم مُحْرِمَاتٌ فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا سَدَلَتْ إِحْدَانَا
جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ»
([1]). رواهُ الإمامُ
أحمدُ وأبو داود وابنُ ماجَهْ.
قال الشَّوكَانِيُّ
في «نيل الأوطار»: «واستدلَّ بهذا الحديثِ على أنَّه يجُوزُ للمرأةِ إذا احتاجَتْ
إِلَى سَتْرِ وَجْهِها «يريدُ حالَ الإحرامِ» لمُرورِ الرِّجالِ قريبًا منها
فإنَّها تسدلُ الثَّوبَ من فوقِ رَأسِها على وجْهِها؛ لأنَّ المرأةَ تحتاجُ إِلَى
ستْرِ وجهِهَا فلِمَ يحرُم عليها سَتْره مطلقًا كالعورَةِ». ا هـ.
ومعناه: أنَّه لا يحرمُ عليها ستر وَجْهِها حالةَ إحرامِها بحضرَةِ أجانب أو غيرهم.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (1833)، وأحمد رقم (24021)، والبيهقي رقم (9051).