ثمَّ قال: «وقد رُوي
أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم حينَ وجدَ الفضلَ ابنَ عمِّه العبَّاس ينظرُ
إِلَى امرأةٍ أجنبيَّةٍ حسناءَ، ويُطِيلُ الالتفاتَ إليها، وكان رَدِيف النَّبيِّ
صلى الله عليه وسلم فجعلَ صلى الله عليه وسلم يصرِفُ وَجْهَه إِلَى الشِّقِّ
الآخرِ، وقال: «رَأَيْتُ شَابًّا وَشَابَّةً فَلَمْ آمَنِ عَلَيْهِمَا
الْفِتْنَةَ» [1]). انتهى حَاصِلُ كَلامِه.
وأقولُ: إنَّ ما
ذكَرَه المؤلِّفُ في هَذَا البحثِ يشتَمِلُ على أخطَاء كثيرةٍ هي:
أوَّلاً: تَجْوِيزُه للمرأةِ
أن تكشِفَ وَجْهَها وكفَّيها بحضرةِ الرِّجالِ الأجانبِ، وتجويزه للرَّجلِ
الأجنبيِّ أن ينظُرَ إليهما باعتبارِهِمَا غَير عورةٍ، وهذا قولٌ باطلٌ وخطأٌ
واضحٌ ترُدُّه الأدلَّةُ الصَّحيحَةُ من الكتابِ والسُّنَّةِ الدَّالَّة على أنَّ
وجهَ المرأةِ وكفَّيها وجميع بدنها عورةً يجبُ سترها عنِ الرِّجالِ الأجانبِ، واليكَ
ذكرُ بعضِ هَذِهِ الأدلَّة:
قال اللَّهُ تعالى: ﴿وَلَا يُبۡدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ﴾ [النور: 31] الآية، وقَالَ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ قُل لِّأَزۡوَٰجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَآءِ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ يُدۡنِينَ عَلَيۡهِنَّ مِن جَلَٰبِيبِهِنَّۚ﴾ [الأحزاب: 59] الآية، قال شيخُ الإسلامِ ابن تميمة رحمه الله في الكلامِ على الآيتين ما نصُّه: «والسَّلف قد تنازَعُوا في الزِّينةِ الظَّاهرةِ على قولينِ: فقالَ ابنُ مسعودٍ ومن وافَقَه: هي الثِّيابُ، وقال ابنُ عبَّاس ومن وافَقَه: هي في الوجْهِ واليدينِ مثل الكحلِ والخاتمِ. إِلَى أن قال جامِعًا بين القولينِ: وحقيقَةُ الأمرِ أنَّ اللَّهَ جعلَ الزِّينةَ زينتَيْنِ، زينةً ظاهِرةً وزينةً غير ظاهرةٍ، وجوَّز لها إبدَاء زينتها الظَّاهرة لغيرِ الزَّوجِ وذوي المحارمِ، وأمَّا الباطنة فلا تبديها إلاَّ للزَّوج وذوي المحارمِ، وكانوا قبلَ أن تنزلَ آيةُ الحجابِ كان النِّساءُ يخرُجْنَ بلا جلبابٍ يرى
([1])أخرجه: الترمذي رقم (885)، وأحمد رقم (562).