×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

 يا تُرَى من أولى بمعرفَةِ أقْوَالِ الصَّحابةِ؛ شيخُ الإسلامِ ابن تيمية والبيهقيُّ أم فضِيلَةُ المؤلِّفِ؟ واللَّهُ المستعانُ.

وقال القرطبيُّ في «تفسيره»: (7/ 339): «قال ابن العربيِّ في قبسِه: وأسندُوا إِلَى قومٍ من الصَّحابةِ والتَّابعين أنَّهم لعِبُوا بها - أي: الشَّطرنج - وما كان ذلك قطُّ، وتاللَّه ما مسَّتْهَا يدُ نقيٍّ. ويقولون: إنَّها تشحذُ الذِّهْنَ والعيانُ يكذِّبُهُم ما تبحَرَّ فيها قطُّ رَجُلٌ له ذهن». ا هـ. فهذا ابنُ العربيِّ ينفي نفيًا جازمًا أن يكونَ أحدٌ من الصَّحابةِ أو التَّابعين لَعِبَ بالشَّطرنج ويحلِفُ على ذلك، وينقل ذلك عنه القرطبيُّ مقرِّرًا له.

وقال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيمية في «مجموع الفتاوي» (32/ 241): «روى البيهقيُّ بإسنادِهِ عن جعفرَ بنِ محمَّدٍ عن عليِّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه أنَّه كانَ يقولُ: «الشِّطْرَنْجُ مَيْسِرُ الْعَجَمِ». وروى بإسناده عن عليٍّ أَنَّهُ مَرَّ بِقَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ فَقَالَ: «مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ، لَأَنْ يَمَسَّ أَحَدُكُم جَمْرًا حَتَّى يُطْفَأَ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَمَسَّهَا»، وعن عليٍّ رضي الله عنه أنَّه مَرَّ بِمَجْلِسٍ مِنْ مَجَالِسِ تَيْمِ اللهِ وَهُمْ يَلْعَبُونَ بِالشِّطْرَنْجِ، فَقَالَ: «أَمَا وَاللهِ لِغَيْرِ هَذَا خُلِقْتُمْ، أَمَا وَاللهِ لَوْلاَ أَنْ تَكُونَ سُنَّةً لَضَرَبْتُ بِهَا وُجُوهَكُمْ». وعن مالكٍ قال: «بَلَغَنَا أَنَّ ابْن عَبَّاسٍ وَلِيَ مَالَ يَتِيمٍ، فَأَحْرَقَهَا». وعن ابنِ عمرَ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الشِّطْرَنْجِ، فَقَالَ: «هُوَ شَرٌّ مِنَ النَّرْدِ». وعن أبي موسى الأشعريِّ قال: «لاَ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ إلاَّ خَاطِئٌ». وعن عائشةَ أنَّها: «كَانَتْ تَكْرَهُ الْكَبْلَ وَإِنْ لَمْ يُقَامَرْ عَلَيْهَا، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ كَان يَكْرَهُ اللَّعِبِ بِهَا». فهذه أقوالُ الصَّحابةِ ولم يثبت عن صحابيٍّ خلافُ ذلك. ثمَّ روى البيهقيُّ أيضًا عن أبي جعفرَ محمَّدِ بن عليٍّ المعروف بالباقرِ أنَّه سُئِلَ عنِ الشَّطرنجِ فقال:


الشرح