ذلك ابنُ مَسعُودٍ باللَّهِ الَّذي لا إله إلاَّ
هو ثلاثَ مرَّاتٍ إنَّه الغِنَاءُ. روى سعيدُ بن جبيرٍ عن أبي الصَّهباءِ البكريِّ
قال: سُئِلَ عبدُ اللَّهِ بن مسعودٍ عن قولِهِ تعالى: ﴿وَمِنَ ٱلنَّاسِ مَن يَشۡتَرِي لَهۡوَ ٱلۡحَدِيثِ﴾ [لقمان: 6] فقال:
الغِناءُ واللَّه الَّذي لا إله إلاَّ هو يردِّدها ثلاثَ مرَّاتٍ. وعن ابنِ عمرَ
أنَّه الغناء، وكذلك قالَ عكرِمَةُ وميمون بن مهرانٍ ومكحولٍ. وروى شعبةُ وسفيانُ
عنِ الحكم وحمَّاد عن إبراهيمَ قال: قال عبدُ اللَّه بن مسعودٍ: «الْغِنَاءُ
يُنْبِتُ النِّفَاقَ فِي الْقَلْبِ» ([1]). وقالَهُ مجاهدٌ
وزادَ: إنَّ لهْوَ الحديثِ في الآيةِ الاستماعُ إلى الغناءِ وإلى مِثْلَه من
الباطلِ. وقال الحسنُ: «لهْو الحَديثِ» المعازفُ والغناءُ، ثمَّ ذكرَ القرطبيُّ
الأقْوَالَ الأخرى في تَفسيرِ الآيةِ ثمَّ قالَ: قلت: القولُ الأوَّلُ أولى ما
قيلَ به في هذا البابِ للحديثِ المرفوعِ وقولِ الصَّحابةِ والتَّابعين فيه». ا هـ.
الوجْهُ الثَّاني: أن نقولَ بما
تقدَّم من ذكرِ مَن فسَّر «لهو الحديثِ» بالغناءِ من أجلاَّءِ الصَّحابةِ
والتَّابعين يحصلُ الجوابُ عمَّا نقلَهُ المؤلِّفُ عنِ ابنِ حزمٍ من تفسيرِهِ
الآية بما يخالِفُ ذلك فيُقَالُ: من هو ابنُ حزمٍ؟! وما تفسيرُهُ؟! بجانبِ هؤلاءِ
وتفسيرِهم حتَّى يقابِلَهُ المؤلِّفُ بهم؟ نقولُ هذا مع إجْلاَلنا لابنِ حزمٍ
واعترافِنَا بمكانَتِه العلميَّة، لكنْ لا نُتَابِعُه على خَطَأٍ، ولا نُقدِّمُ
قولَهُ على قولِ من هو أَجَلُّ منه لا سيَّما من الصَّحابةِ والتَّابعين.
قال العلاَّمَةُ ابنُ القيِّم: ويكفي تَفسير الصَّحابةِ والتَّابعين للَهْوِ الحديثِ بأنَّه الغناءُ، إلى أن قال: «قال الحاكِمُ أبو عبدِ اللَّهِ في التَّفسيرِ من كتابِ «المستدرك»: ليَعْلَمَ طالبُ هذا العلمِ أنَّ تفسيرَ الصَّحابيِّ الَّذي
([1])أخرجه: أبو داود رقم (4927).