ودُعَائهم من دُونِ اللَّه، ألَيْس هَذَا هُوَ الشِّرْك؟! قَدْ وقعَ فيه
ناسٌ من المُسْلمينَ بسَبَب الغُلُوِّ فِي الصَّالحين، وإنَّنا إِذَا سَكَتنا عن
تَعْظيم الآثار، وَالعنَاية بها، وإحْيَائها، فسيؤُولُ ذَلِكَ إِلَى عِبَادتها
ولَوْ عَلَى المدى البعيد؛ لأنَّ هَذَا العملَ تمهيدٌ لذَلِكَ؛ شِئْنا أَمْ
أَبَينا، وسيأتي جيلٌ جاهلٌ يُزيِّنُ لهُم الشَّيطانُ عبادةَ تِلْكَ الآثار
المُهيَّأة كَمَا فعلَ بقوم نُوحٍ، فاتَّقُوا اللَّه أيُّها الكُتَّابُ، ولا
تكُونُوا دُعاةَ فِتْنةٍ، بَلْ كُونُوا دُعَاةَ خَيْرٍ وسُنَّةٍ، كَمَا قَالَ
تَعَالَى: ﴿وَلۡتَكُن
مِّنكُمۡ أُمَّةٞ يَدۡعُونَ إِلَى ٱلۡخَيۡرِ وَيَأۡمُرُونَ بِٱلۡمَعۡرُوفِ
وَيَنۡهَوۡنَ عَنِ ٱلۡمُنكَرِۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُفۡلِحُونَ ١٠٤ وَلَا
تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَٱخۡتَلَفُواْ مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَهُمُ
ٱلۡبَيِّنَٰتُۚ وَأُوْلَٰٓئِكَ لَهُمۡ عَذَابٌ عَظِيمٞ﴾ [آل عمران: 104، 105]، ومن أعْظَم الدَّعوة إِلَى
الخير، والأَمْر بالمَعْرُوف، والنَّهي عن المُنْكر: النَّهي عن الشِّرْك
وأسبابِهِ، ومن ذَلِكَ إحياءُ الآثار، والَّذين يَدْعُون إِلَى إحْيَاء الآثَار،
أَوْ يَقُومُون بإحْيَائها وإنْ كَانُوا لا يَقْصدُون شرًّا، نَحْسبُهُم كَذَلك -
إنْ شاء اللَّهُ - إلاَّ أنَّهُم مَهَّدوا السَّبيل لمَنْ يُريدُ الشَّرَّ فِي
المُسْتقبل، ولَوْ غير القَريب، فيَتَحَمَّلُون الإثمَ، وإنَّ بلادَ الحَرَمين هي
أَوْلى البلاد أن تُطهَّر من الشِّرْك ووسائلِهِ؛ لأنَّها مَحطُّ أنظار المُسْلمين
وقِبْلتهم وقُدْوتهم.
وأخيرًا، أسألُ اللَّهَ لي وللدُّكتُور عُمر ولجَميع المُسْلمين معرفةَ
الحقِّ، والعَمَل به، ومَعْرفة البَاطل وَاجْتنَابه، وصلَّى اللَّه عَلَى نَبيِّنا
مُحمَّدٍ وَعَلَى آله وصحبه أجمعين.
****
الصفحة 6 / 325