×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

وإنَّنا نَنْصحُ إخواننا هَؤُلاَء الَّذين يَدْعُون إِلَى إحياء الآثار من أَمْثَال الدُّكتُور عُمَر أن يَرْجعُوا إِلَى صَوَابهم؛ لئلاَّ يُوقِعُوا الأُمَّة فيما وَقَعت فيه الأُممُ السَّابقةُ منَ الشِّرْك بسبب الغُلُوِّ فِي الآثَار وتَعْظيمها، وأنْ يكُونَ لهُم قُدوةٌ بسَلَف الأُمَّة الَّذين لم يهتمُّوا بهَذِهِ الآثار، بَلْ حذَّرُوا منَ الغُلُوِّ فيها، ولَنْ يصلحَ آخر هَذِهِ الأُمَّة إلاَّ ما أصلحَ أوَّلَها.

وأمَّا قَوْلُ الدُّكتُور: بعد أَن انْتصَر الدِّينُ الإسلاميُّ فِي أرْجَاء الأَرْض، وَدَخَل النَّاس فِي دين اللَّه أفواجًا، تكفَّلَ اللَّه بحِفْظِ مَهْد رسالة الإِسْلاَم من عودة الكُفْر والوثنيَّة والشِّرْك إليها، فنَقُول: نَعَمْ وللَّه الحمدُ، فإنَّ الأُمَّة المُحمَّديَّة رغم ما تمُرُّ به من المِحَنِ ستَبْقي منها طائفةٌ مَنْصُورةٌ ظاهرةٌ عَلَى الحقِّ، لا يضُرُّها مَنْ خَالَفها، ولا مَنْ خَذَلها حتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّه وهي عَلَى ذَلِكَ، ولكن هَذَا لا يعني ألاَّ يَنْجرفَ من الأُمَّة أحدٌ، ولا يقعُ فِي الشِّرْك منها أحدٌ، بَلْ أخبر المُصْطفى صلى الله عليه وسلم أنَّ هَذِهِ الأُمَّة ستَفْترقُ عَلَى ثلاثٍ وسَبْعين فِرْقهً، كُلُّها فِي النَّار إلاَّ واحدةً، وَسَألهُ الصَّحابةُ من هَذِهِ الوَاحدة النَّاجية من النَّار؟ فقَالَ: «هُمْ مَنْ كَانَ عَلَى مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي» ([1])، وأَخْبَر صلى الله عليه وسلم أنَّها لا تقُومُ السَّاعةُ حتَّى يلحقَ حيٌّ من أُمَّته بالمُشْركين، وحتَّى يَعبدَ فِئَامٌ من أُمَّته الأوثانَ.

فَالأُمَّةُ المُحمَّديَّةُ بمَجْمُوعها لا تُجْمعُ عَلَى ضَلاَلةٍ، وَلكن يَنْحرفُ منها مَنْ يَنْحرف، وَيَقع فِي الشِّرْك منها مَنْ يَقَع، فَعَلينا جميعًا أن نُحذِّر منَ الشِّرْك وأسبابِهِ ووسائلِهِ، ولا ندَّعي العصمةَ لأنْفُسنا، ونَأْمنُ الوُقُوعَ فِي الشِّرْك، وإلاَّ فبماذا يُفسِّرُ الدُّكتُور ما وَقَع فِي كثيرٍ من البُلْدان الإِسْلاَميَّة من البنَاء عَلَى القُبُور، وَالاسْتغَاثة بالأمْوَات، وَالذَّبح لهُمْ،


الشرح

([1])أخرجه: الترمذي رقم (2641).