×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

 وَإِذَا تَوَلَّىٰ سَعَىٰ فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيُفۡسِدَ فِيهَا وَيُهۡلِكَ ٱلۡحَرۡثَ وَٱلنَّسۡلَۚ وَٱللَّهُ لَا يُحِبُّ ٱلۡفَسَادَ ٢٠٥ وَإِذَا قِيلَ لَهُ ٱتَّقِ ٱللَّهَ أَخَذَتۡهُ ٱلۡعِزَّةُ بِٱلۡإِثۡمِۚ فَحَسۡبُهُۥ جَهَنَّمُۖ وَلَبِئۡسَ ٱلۡمِهَادُ [البقرة: 204- 206].

ومن العجيب أنَّ هَؤُلاَء المُعْتدين الخَارجينَ عَلَى حُكْم الإِسْلاَم، يُسمُّون عَملَهُم هَذَا جهادًا فِي سَبيل اللَّه، وهَذَا من أعْظَم الكَذب عَلَى اللَّه، فإنَّ اللَّهَ جَعَل هَذَا فسادًا، ولَمْ يَجْعلهُ جهادًا، وَلَكن لا نَعْجبُ حينما نعلمُ أنَّ سَلَف هَؤُلاَء من الخَوَارج كَفَّرُوا الصَّحابةَ، وَقتلُوا عُثمانَ وعليًّا رضي الله عنهما، وهُما من الخُلَفاء الرَّاشِدِين، وَمن العَشَرة المُبشَّرين بالجنَّة، قَتلُوهُما وسَمَّوا هَذَا جهادًا فِي سَبيل اللَّه، وإنَّما هُوَ جهادٌ فِي سَبيل الشَّيطان، قَالَ تَعَالَى: ﴿ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِۖ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُقَٰتِلُونَ فِي سَبِيلِ ٱلطَّٰغُوتِ [النِّساء: 76]، وهَؤُلاَء إنْ لَمْ يكُونُوا كُفَّارًا، فإنَّهُ يُخْشى عَلَيْهم من الكُفْر وهُمْ يُقاتلُون فِي سَبيل الطَّاغُوت.

ولا يُحمَّلُ الإِسْلاَمُ فِعْلهُم هذا، كَمَا يقُولُ أعداءُ الإِسْلاَم من الكُفَّار والمُنَافقين: إنَّ دينَ الإِسْلاَم دينُ إرْهَابٍ. ويحتجُّون بفِعْلِ هَؤُلاَء المُجْرمين، فإنَّ فِعْلَهُم هَذَا لَيْسَ من الإِسْلاَم، ولا يُقرُّهُ إِسْلاَمٌ ولا دينٌ، وإنَّما فكرٌ خارجٌ قد حثَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى قَتْل أصحابِهِ، وقَالَ: «أَيْنَمَا لَقِيتُمُوهُمْ فَاقْتُلُوهُمْ» ([1])، وَوَعد بالأجر الجَزيل لمَنْ قَتَلهم، وَإنَّما يقتُلُهُم وليُّ أَمْر المُسْلِمِين كَمَا قَاتَلهُم الصَّحابةُ بقيَادَة أَمير المُؤْمنين عليِّ بْن أبي طالبٍ رضي الله عنه، وبعضُ المُنَافقين أو الجُهَّال يزعُمُ أنَّ مدارسَ المُسْلِمِين هيَ الَّتي عَلَّمتهُم هَذَا الفكرَ، وأنَّ مَنَاهج التَّدريس تَتَضمَّنُ هَذَا الفكرَ المُنْحرفَ، ويُطَالبُون بتَغْيير مَنَاهج التَّعليم، ونقُولُ: إنَّ أصحابَ هَذَا


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (3611)، ومسلم رقم (1066).