وَعَلَى كُلِّ حالٍ، فَلاَ يجُوزُ لأَهْل العِلْمِ السُّكُوت عن أقْوَال
المُغْرضين، أو المُتَعالمين الَّذين يَهْرفُون بما لا يَعْرفُون، بل لا يجُوزُ
السُّكُوتُ عن أخْطَاء العُلَماء الفُضَلاء، بل لا بُدَّ من بَيَان الحقِّ، وَرَد
ما خَالَفهُ، نصرًا للَّه، ولكتابِهِ، ولرسُولِهِ، ولأئمَّة المُسْلِمِين
وَعامَّتهم ﴿وَٱللَّهُ
يَقُولُ ٱلۡحَقَّ وَهُوَ يَهۡدِي ٱلسَّبِيلَ﴾ [الأحزاب: 4].
وقَدْ قَالَ الإمامُ أحْمَدُ فِي مُقدِّمة رَدِّه عَلَى الجهميَّة: «الحَمْدُ
للَّه الَّذي جَعَل فِي كُلِّ فَتْرةٍ من الزَّمان بَقَايا من أَهْل العِلْمِ
يَنْفُون عن كتَاب اللَّه تَحْريفَ الغَالين، وانْتحَال المُبْطلين، وتَأْويل
الجَاهِلِين، ويَدْعُون مَنْ ضلَّ إِلَى الهُدَى، ويَصْبرُون مِنْهُمْ عَلَى
الأذَى، فكَمْ من ضالٍّ قَدْ هَدَوْهُ، وكَمْ من قتيلٍ لإبليسَ قَدْ أَحْيوهُ، فما
أحسنَ أثرَهُم على النَّاس، وأقْبحَ أَثَر النَّاس عَلَيْهم».
هَذَا، ونَسْألُ اللَّهَ سُبحانهُ أنَّ يَرْزقنَا العِلْمَ النَّافع،
وَالعَمل الصَّالح، وأنْ يَجْعلنا وإخْوَاننا المُسْلِمِين هُدَاةً مُهْتدين، غَيْر
ضَالِّين ولا مُضلِّين، وأَنْ يُصْلحَ وُلاة أُمُورنا، وَوُلاة أُمُور
المُسْلِمِين فِي كُلِّ مكانٍ، وأنْ يَنصُرَ دينَهُ، ويُعْلي كلمتَهُ، وأنْ يَهْدي
ضالَّ المُسْلِمِين، وأنَّ يُرينَا الحقَّ حقًّا ويَرْزقنَا اتِّباعهُ، ويُرينَا
الباطلَ بَاطلاً ويَرْزُقنا اجتنابَهُ، وألاَّ يجعلَهُ مُلْتبسًا علينا فنَضلَّ،
وصلَّى اللَّهُ وسلَّم عَلَى نبيِّنا مُحمَّدٍ وآلِهِ وصحبِهِ.
****
الصفحة 4 / 325