×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

الردُّ على مَن يقولُ بحرِّية الأَديانِ

الحَمْدُ للَّه، والصَّلاة والسَّلام عَلَى نبيِّنا مُحمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وصَحْبه، وبَعْد: فَإنَّ مُحمَّدًا صلى الله عليه وسلم خَاتمُ النَّبيِّين لا نَبيَّ بَعْده إِلَى أنْ تقُومَ السَّاعةُ: ﴿مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَآ أَحَدٖ مِّن رِّجَالِكُمۡ وَلَٰكِن رَّسُولَ ٱللَّهِ وَخَاتَمَ ٱلنَّبِيِّ‍ۧنَۗ [الأحزاب: 40].

وَقَالَ صلى الله عليه وسلم: «أَنَا خَاتَمُ النَّبِيِّينَ، لاَ نَبِيَّ بَعْدِي» ([1])، وَشريعتُهُ خاتمَة الشَّرائع، لاَ شَريعَة مَعَها، وَلاَ شَريعة بَعْدها إِلَى أنْ تَقُوم السَّاعةُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ [آل عمران: 19].

وقَالَ تَعَالَى: ﴿وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ [آل عمران: 85].

والإِسْلاَم هُو الاسْتسلاَمُ للَّه بالتَّوحيد، وَالانْقيَاد لهُ بالطَّاعة، والبَرَاءة من الشِّرْك وأهلِهِ، وهُو بهَذَا المَعْنى دينُ جَميع الأنْبيَاء، فالإِسْلاَمُ هُوَ تَوْحيدُ اللَّه، وَطَاعة رُسُله، والعَمَل بمَا شَرَعهُ فِي كُلِّ زَمَانٍ بحَسَبه، فَعَقيدةُ الأنبيَاء وَاحدةٌ، وَهي التَّوْحيدُ، وَشَرائعهُمْ مُخْتلفة؛ لأنَّ اللَّهَ سُبحانهُ يشرعُ لكُلِّ أُمَّةٍ ما يَصْلحُ لهَا فِي وَقْتها: ﴿لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ [المائدة: 48]، ﴿وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِ‍َٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ ٣٨ يَمۡحُواْ ٱللَّهُ مَا يَشَآءُ وَيُثۡبِتُۖ وَعِندَهُۥٓ أُمُّ ٱلۡكِتَٰبِ [الرَّعد: 38، 39].

وَإِذَا نسخَ شيءٌ منَ الشَّرائع، فإنَّهُ يَجبُ العَملُ بالنَّاسخ، ولا يجُوزُ العَملُ بالمَنْسُوخ؛ لأنَّ العملَ بالمَنْسُوخ لَيْسَ عبَادةً للَّه، وإنَّما هُو اتِّباعٌ


الشرح

([1])أخرجه: أبو داود رقم (4252)، وابن ماجه رقم (3952)، وأحمد رقم (22395).