للهَوَى والشَّيْطان، وَشَريعةُ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم نَاسخةٌ لجَميع الشَّرائع، فَيجبُ العَملُ بهَا، وتَرْك ما سوَاهَا؛ لأنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَهيَ مُشْتملةٌ عَلَى ما يُصْلح البشريَّة فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكانٍ: ﴿ٱلۡيَوۡمَ أَكۡمَلۡتُ لَكُمۡ دِينَكُمۡ وَأَتۡمَمۡتُ عَلَيۡكُمۡ نِعۡمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ ٱلۡإِسۡلَٰمَ دِينٗاۚ﴾ [المائدة: 3]، وَالمُرَادُ بالإِسْلاَم هُنَا: هُوَ دينُ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ؛ لأنَّهُ بعد بَعْثته صَارَ الإِسْلاَمُ ما جاءَ به، وهُو رسُولُ اللَّه إِلَى النَّاس كَافَّةً: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَٰكَ إِلَّا كَآفَّةٗ لِّلنَّاسِ﴾ [سبأ: 28]، ﴿قُلۡ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ إِنِّي رَسُولُ ٱللَّهِ إِلَيۡكُمۡ جَمِيعًا﴾ [الأعراف: 158]، فالَّذي يَبْقى عَلَى دِينٍ من الأَدْيَان السَّابقة «اليهُوديَّة أو النَّصرانيَّة أَوْ غَيْرهما»، يَكُون كَافرًا باللَّه؛ لأنَّهُ لَيْسَ عَلَى الدِّين الَّذي أمَرَ اللَّهُ باتِّباعه، وَهُو دينُ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وقَدْ قَالَ اللَّهُ لهُ: ﴿۞يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغۡ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكَ مِن رَّبِّكَۖ﴾ [المائدة: 67] فَكاتَبَ صلى الله عليه وسلم مُلُوكَ الأَرْض يَدْعُوهُم إِلَى الإِسْلاَم، واتِّباعه، ويُحمِّلهُمْ مسئُوليَّة اتِّباعهم إنِ اسْتَمرُّوا عَلَى الكُفْر، وأَرْسل الدُّعاة إِلَى مُخْتلف الجهَات، فأَرْسَل معاذًا إِلَى اليَمَن، وقَالَ لهُ: «إِنَّكَ تَأْتِي قَوْمًا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ: شَهَادَةِ أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ» الحَديث ([1])، وقَالَ اللَّهُ لهُ: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ﴾ [التَّوبة: 73]، فَبَادر صلى الله عليه وسلم بفِعْلِ ما أمرَ به، فَقَاد الجُيُوشَ، وشكَّل السَّرايا للجهَاد فِي سَبيل اللَّه، وَوَاصل أصحابُهُ الجهادَ من بَعْده حتَّى فَتحُوا مَشارقَ الأرض ومَغَاربها، وَظَهر دينُ اللَّهِ عَلَى الدِّين كُلِّه ولَوْ كَره المُشركُون.
([1])أخرجه: البخاري رقم (1458)، ومسلم رقم (19).