ثَالثًا: ألَمْ يكُنْ فِي إعْلاَن
الشَّهادة برسالتِهِ صلى الله عليه وسلم فِي الأَذَان والإقَامة والتَّشهُّد فِي
الصَّلاة كُلَّ يومٍ خَمْسَ مرَّاتٍ، وَفِي الخُطَب، وَفِي الصَّلاة والتَّسليم
عَلَيْه من ذِكْرِه، ألَمْ يكُن فِي ذَلِكَ كُلِّه باعثًا عَلَى الاقتداءِ بِهِ،
وأَخْذ العِبْرة والتَّذكُّر. ألَيْس فِي ذَلِكَ ما يُغْني ويَكْفي عن إحْيَاء
المُناسَبات البِدْعيَّة الَّتي لا تجُرُّ عَلَى الأُمَّة إلاَّ شرًّا وبُعدًا عن
سُنَّة المُصْطفى صلى الله عليه وسلم، ألَمْ يكُنْ فِي سيرَة المُسْلِمِين يومَ
أَنْ كَانُوا بَعيدِينَ عن البدَع والمُحْدثات، وَمُتَمسِّكين بالكتَاب والسُّنَّة
خَيْر قُدْوة وعِبْرة. وإنَّ الوَاجبَ علينا أن نُربِّي أَوْلادَنا عَلَى إحْيَاء
السُّنَّة، لا عَلَى إحْيَاء البِدْعَة.
ألَمْ يكُن فيما حَدَث فِي المُسْلِمِين من فُرْقةٍ وتَشتُّتٍ وضَعفٍ
حينَما دبَّت إلَيْهم البدَعُ والمُحْدثاتُ أكْبَر زَاجرٍ عن تِلْكَ البدَع.
إنَّ الأمرَ كَمَا قَالَ الإمَامُ مَالكٌ رحمه الله: «لَنْ يصلُح آخِر
هَذِهِ الأُمَّة إلاَّ ما أَصْلح أوَّلها»، فعَوْدًا إِلَى هَدْي السَّلف
الصَّالح ليَعُود لنَا العزُّ وَالرِّفعةُ، وَبُعْدًا عن البدَع والمُحْدثات،
فَإنَّها لا تَزيدُنا إلاَّ شرًّا.
وأقُولُ لمَنْ يَهتمُّون بإحْيَاء هَذِهِ المُنَاسبات البِدْعيَّة: عُودُوا إِلَى رُشْدكُم؛ فإنَّ الرُّجُوعَ إِلَى الحقِّ خَيْرٌ من
التَّمادي فِي البَاطل، وَباللَّه تَعَالَى التَّوفيقُ، وَمنهُ الإعَانةُ
وَالتَّسديد.
وصلَّى اللَّهُ وسلَّم عَلَى نبيِّنا مُحمَّدٍ
وآلِهِ وصحبِهِ.
****
الصفحة 2 / 325