الإنسانُ مُؤمنًا بدُون عَمَلٍ، فلا يُؤثِّرُ
تَرْكُهُ فِي الإيمَان انتفاءً ولاَ انتقاصًا، وَعَقيدةُ الإرْجَاء عقيدةٌ باطلةٌ
قَد أنْكَرها العُلماءُ، وبيَّنُوا بُطْلانها وآثَارها السَّيِّئة ومُضَاعفاتها
البَاطلَة، وَآلَ الأَمْرُ بهَذِهِ النَّابتة إلَى أنْ تُشنِّع عَلَى مَنْ لا
يُجَاريها ويُوَافقُها عَلَى عَقيدَة الإرْجَاء، ويُسمُّونهم بالخَوَارج
والتَّكفيريِّين، وهَذَا قَدْ يكُونُ لجَهْلهم بعَقيدَة أَهْل السُّنَّة والجَمَاعة
الَّتي هيَ وَسطٌ بَيْن مَذْهب الخَوَارج الَّذين يُكفِّرُون بالكَبَائر - الَّتي
هي دُونَ الكُفْر - وهُوَ مذهبٌ باطلٌ، وبَيْن مَذْهب المُرْجئة الَّذينَ
يقُولُون: لا يضُرُّ مع الإيمَان - الَّذي هُوَ عِنْدهُم مُجرَّدُ التَّصْديق - لا
يضُرُّ مَعهُ مَعْصيةٌ وَإنْ كَانَت كبيرةً.
فأَهْلُ السُّنَّة والجَمَاعة يقُولُون: إنَّ مُرتكبَ الكَبيرة - الَّتي هيَ دُون الكُفْر - لاَ يكفُرُ كَمَا
تقُولُهُ الخَوارجُ، ولا يكُونُ مُؤمنًا كَاملَ الإيمَان كَمَا تقُولُهُ
المُرجئةُ، بَلْ هُوَ عندَ أَهْل السُّنَّة مُؤمنٌ ناقصُ الإيمَان، وهُو تَحْت
المَشيئَة؛ إنْ شاءَ اللَّهُ غَفَر لهُ، وإنْ شاءَ اللَّهُ عذَّبهُ بقَدْر
ذُنُوبه، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَغۡفِرُ أَن يُشۡرَكَ بِهِۦ وَيَغۡفِرُ مَا دُونَ
ذَٰلِكَ لِمَن يَشَآءُۚ﴾ [النِّساء: 48].
[نقد كتاب «هزيمة الفكر التكفيري»]
وقَدْ وَصَل إِلَيَّ كتابٌ بعُنْوان «هَزيمة الفِكْرِ التَّكفيريِّ»
تَأْليف خَالد العَنْبري، قَالَ فيه: «فَمَا زَال الفكرُ التَّكفيريُّ يَمْضي
بِقُوَّةٍ فِي أَوْسَاط شَبَاب الأُمَّة مُنذُ أنِ اخْتَلقتهُ الخَوارجُ
الحَرُوريَّة».
وأقُولُ: التَّكفيرُ للمُرتدِّين لَيْسَ من تَشْريع
الخَوَارج، ولاَ غَيْرهم، وليسَ هُو فكرًا - كَمَا تقُولُ - وإنَّما هُو حُكْمٌ
شَرْعيٌّ، حَكَم به اللَّهُ ورسُولُهُ عَلَى