مَنْ يستحقُّهُ، بارْتكَاب نَاقضٍ من نَوَاقض
الإِسْلاَم القوليَّة أو الاعْتقَاديَّة أو الفعليَّة، وَالَّتي بَيَّنها
العُلَماءُ فِي بَاب «أحْكَام المُرتدِّ»، وَهِيَ مَأْخُوذةٌ من كتَاب اللَّه
تَعَالَى، وسُنَّة رَسُوله صلى الله عليه وسلم، فاللَّهُ قَدْ حَكَم بالكُفْر
عَلَى أُناسٍ بَعْد إيمَانهم، بارْتكَابهم نَاقضًا من نَوَاقض الإيمَان، قَالَ
تَعَالَى: ﴿وَلَئِن
سَأَلۡتَهُمۡ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلۡعَبُۚ قُلۡ أَبِٱللَّهِ
وَءَايَٰتِهِۦ وَرَسُولِهِۦ كُنتُمۡ تَسۡتَهۡزِءُونَ ٦٥ لَا
تَعۡتَذِرُواْ قَدۡ كَفَرۡتُم بَعۡدَ إِيمَٰنِكُمۡۚ إِن نَّعۡفُ عَن طَآئِفَةٖ مِّنكُمۡ نُعَذِّبۡ طَآئِفَةَۢ بِأَنَّهُمۡ كَانُواْ مُجۡرِمِينَ﴾ [التَّوبة: 65، 66].
وَقَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَقَدۡ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلۡكُفۡرِ وَكَفَرُواْ بَعۡدَ
إِسۡلَٰمِهِمۡ﴾ [التَّوبة: 74].
وقَالَ: «بَيْنَ العَبْد وَبَيْنَ الْكُفْرِ تَرْك الصَّلاَة» ([1])، وقَالَ: «فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ» ([2])، وأَخْبَر تَعَالَى أنَّ تَعلُّم السِّحر كفرٌ، فقَالَ عن المَلَكين
اللَّذين يُعلِّمان السِّحْر: ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنۡ أَحَدٍ حَتَّىٰ يَقُولَآ إِنَّمَا نَحۡنُ
فِتۡنَةٞ فَلَا تَكۡفُرۡۖ﴾ [البقرة: 102].
وقَالَ تَعَالَى: ﴿إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ثُمَّ كَفَرُواْ ثُمَّ ءَامَنُواْ ثُمَّ
كَفَرُواْ ثُمَّ ٱزۡدَادُواْ كُفۡرٗا لَّمۡ يَكُنِ ٱللَّهُ لِيَغۡفِرَ لَهُمۡ وَلَا لِيَهۡدِيَهُمۡ
سَبِيلَۢا﴾ [النِّساء: 137].
وفَرْقٌ بَيْن مَنْ كَفَّره اللَّه ورسُولُهُ، وكَفَّره أهلُ السُّنَّة والجَمَاعة؛ اتِّباعًا لكتَاب اللَّه وسُنَّة رسُولِهِ، وبَيْن مَنْ كَفَّرتهُ الخوارجُ والمُعْتزلة ومَنْ تَبعهُم بغير حقٍّ، وهَذَا التَّكفيرُ - الَّذي هُوَ بغَير حقٍّ - هُوَ الَّذي يُسبِّبُ القَلاَقل والبَلاَيا من الاغْتيَالات والتَّفجيرَات، وَأمَّا التَّكفيرُ الَّذي يُبْنى عَلَى حُكْمٍ شَرعيٍّ؛ فَلاَ يَتَرتَّبُ عَلَيْه إلاَّ الخير، وَنُصْرة الحقِّ عَلَى مَدَار الزَّمان، وبلاَدُنا - بحَمْد اللَّه - عَلَى مَذْهب أَهْل السُّنَّة والجَمَاعة فِي قضيَّة التَّكفير، ولَيْست عَلَى مَذْهب الخَوَارج.