×
البيان لأخطاء بعض الكُتَّاب الجزء الثاني

ثُمَّ قَالَ العَنْبري: «فالوَاجبُ فِي الكُفْر البَوَاح وهُوَ الكُفْرُ المُجْمع عَلَيْه التَّكفيرُ، وَالتَّوقُّف عنهُ إرجاءٌ خطيرٌ».

أَقُولُ: الكُفْرُ البَواحُ هُو كَمَا بَيَّنهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: ما عَلَيْه بُرهانٌ من الكتَاب والسُّنَّة. والإجْمَاعُ يَأْتي الاستدلالُ به بَعْد الاسْتدلاَل بالكتَاب والسُّنَّة، نَعمْ إِذَا كَانَ الدَّليلُ مُحْتملاً، فهَذَا لا يَجْزمُ بأَحَد الاحْتمَالات من غَيْر مُرجِّحٍ، أمَّا إِذَا كَانَ الدَّليلُ نصًّا، فهَذَا هُو البُرْهانُ الَّذي لا يُعْدل عن القَوْل بمُوجبِهِ، كَمَا قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: «عِنْدَكُمْ فِيهِ بُرْهَانٌ» ([1]).

وَالعُلَماءُ المُعْتبرُون مُجْمعُون عَلَى تَكْفير مَنْ كَفَّره اللَّهُ ورَسُوله، ولاَ يَقُولُون بخلاَف ذَلِكَ، ولا عِبْرة بمَنْ خَالَفهُم.

ثُمَّ جاءَ فِي الكتَاب المَذْكُور فِي حَاشية (ص: 27): «التَّبديلُ فِي الحُكْم فِي اصْطلاَح العُلَماء هُوَ: الحُكْمُ بغَيْر ما أنزلَ اللَّه، عَلَى أنَّهُ من عِنْدِ اللَّه، كمَنْ حَكَم بالقَوَانين الفرنسيَّة، وقَالَ: هي من عِنْدِ اللَّه أو من شَرْعه تَعَالَى، ولا يَخْفى أنَّ الحُكَّام بغَيْر ما أنزلَ اللَّهُ اليومَ لا يزعُمُون ذَلِكَ، بَلْ هُمْ يُصرِّحُون أنَّ هَذِهِ القَوَانين مَحْض نَتَاج عُقُول البَشَر القَاصرَة، وَالتَّبديل بهَذَا المَعْنى لا بالمَعْنى الَّذي يَذْهبُ إلَيْه أهلُ الغُلُوِّ كفرٌ بإجْمَاع المُسْلِمِين». كذا قَالَ.

ونقُولُ: هَذَا التَّبديل الَّذي ذَكَرت أنَّهُ كفرٌ بإجْمَاع المُسْلِمِين، هُو تبديلٌ غيرُ مَوْجُودٍ، وإنَّما هُو افتراضيٌّ من عِنْدِكَ، لا يقُولُ به أَحدٌ من الحُكَّام اليومَ، ولاَ قَبْل اليَوم، وإنَّما هُنَاك استبدالٌ هُوَ اخْتيار جعلَ القَوَانين الوضعيَّة بَديلةً عن الشَّريعة الإِسْلاَميَّة، وإلْغَاء المَحَاكم


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (7056)، ومسلم رقم (1709).