الشَّرعيَّة، وهَذَا كُفرٌ أيضًا؛ لأنَّهُ
يُزيحُ تَحْكيم الشَّريعة الإِسْلاَميَّة، ويُنحِّيها نهائيًّا، وَيحلُّ مَحلَّها
القَوَانينَ الوَضعيَّة، فَمَاذا يَبْقى للإِسْلاَم؟!
وَمَا فَعَل ذَلِكَ إلاَّ لأنَّهُ يَعْتنقُها وَيَراها أحسنَ من
الشَّريعَة، وهَذَا لم تَذْكرهُ، ولم تُبيِّن حُكْمهُ، مع أنَّهُ فَصلٌ للدِّين عن
الدَّولة، فكَانَ الحُكْمُ قاصرًا عندكَ عَلَى التَّبديل فَقَط، حيثُ ذَكَرت
أنَّهُ مُجْمعٌ عَلَى كُفْر مَنْ يَراهُ، وكَانَ قَسيمَه وهُو الاسْتبدَالُ، فيه
خلاَفٌ حَسَب ما ذَكَرت، وهَذَا إيهامٌ يجبُ بيانُهُ.
ثُمَّ قَالَ العَنْبري فِي ردِّه عَلَى خَصْمه: إنَّهُ يدَّعي الإجْمَاع
عَلَى تَكْفير جَميع مَنْ لم يَحْكُم بغير ما أنزلَ اللَّه بجُحُودٍ أوْ بغير
جُحُودٍ.
وأقُولُ: كُفْر مَنْ حَكَم بغير ما
أنزلَ اللَّهُ لا يَقْتصرُ عَلَى الجُحُود، بل يَتَناولُ الاسْتبدَال التَّامَّ،
وَكَذا مَن استحلَّ هَذَا العملَ فِي بَعْض الأحْكَام ولو لَمْ يَجْحد، أو قَالَ:
إنَّ حُكْمَ غير اللَّه أحْسَنُ من حُكْم اللَّه، أوْ قَالَ: يَسْتوي الأَمْرَان،
كَما نصَّ عَلَى ذَلِكَ أهلُ العِلْمِ. حتَّى ولَوْ قَالَ: حُكْمُ اللَّه أحْسَنُ
وَلَكن يجُوزُ الحُكْمُ بغَيْره، فهَذَا يكفُرُ مع أنَّهُ لم يَجْحد حُكمَ اللَّه،
وكُفرُهُ بالإجماع.
ثُمَّ ذَكَر الكاتبُ فِي آخر كتابِهِ هَذَا: أنَّ هُناكَ فَتْوى لسَمَاحة الشَّيخ مُحمَّد بْن إبْرَاهيم آل الشَّيخ
رحمه الله يُكفِّرُ فيها مَنْ حَكَم بغَيْر ما أنزلَ اللَّهُ مُطلقًا، ولا
يُفصِّلُ فيها، ويستدلُّ بها أَصْحَابُ التَّكفير عَلَى أنَّ الشَّيخَ لا يُفرِّقُ
بَيْن مَنْ حَكَم بغَيْر شَرْع اللَّه مستحلًّا، ومَنْ لَيْسَ كَذَلك، وأنَّ
الشَّيخَ ابْن بَازٍ سُئِلَ عَنْها، فقَالَ: مُحمَّدُ بْن إبْرَاهيم لَيْسَ
بمعصُومٍ، فهُو عَالمٌ من العُلَماء... إِلَى آخِر ما ذكرَ. ولَمْ يذكُر العَنْبري
نصَّ فتوى سَمَاحة الشَّيخ مُحمَّد بْن إبْرَاهيم الَّتي أشارَ إلَيْها، وهل
قُرِئَ نصُّها عَلَى