حَسَنَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِ ٱللَّهِۖ وَإِن تُصِبۡهُمۡ
سَيِّئَةٞ يَقُولُواْ هَٰذِهِۦ مِنۡ عِندِكَۚ﴾ [النِّساء: 78]، وكَمَا قَالَ المُنَافقُون فِي
غَزْوة الأحْزَاب لمَّا أَصَاب المُسْلِمِين مَا أَصَابهُمْ من الشِّدَّة
وَالضِّيق كَمَا ذَكَر اللَّهُ عنهُم: ﴿وَإِذۡ يَقُولُ ٱلۡمُنَٰفِقُونَ وَٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٞ
مَّا وَعَدَنَا ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ إِلَّا غُرُورٗا﴾ [الأحزاب: 12]، وكَمَا قالُوا يومَ بَدْرٍ فِي المُسْلِمِين: ﴿غَرَّ هَٰٓؤُلَآءِ
دِينُهُمۡۗ﴾ [الأنفال: 49]، وَقالُوا يوم أُحُدٍ: ﴿لَوۡ كَانَ لَنَا مِنَ ٱلۡأَمۡرِ شَيۡءٞ مَّا قُتِلۡنَا هَٰهُنَاۗ﴾ [آل عمران: 154]، فَمَا
مَقالةُ هَؤُلاَء المُنَافقين فِي هَذِهِ الأَحْدَاث إلاَّ كمَقَالة أسْلاَفهم فِي
الأحْدَاث السَّابقة، وَلكُلِّ قَوْمٍ وَارثٌ.
إنَّ دينَ الإِسْلاَم يُحرِّمُ الاعْتداءَ بجَميع أنْوَاعه وأشكالِهِ،
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَلَا تَعۡتَدُوٓاْۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُحِبُّ ٱلۡمُعۡتَدِينَ﴾ [البقرة: 190].
وقَالَ: ﴿وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنََٔانُ قَوۡمٍ أَن صَدُّوكُمۡ عَنِ
ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ أَن تَعۡتَدُواْۘ﴾ [المائدة: 2].
وقَالَ: ﴿وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنََٔانُ قَوۡمٍ عَلَى أَلَّا تَعۡدِلُواْ ٱعۡدِلُواْ
هُوَ أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ﴾ [المائدة: 8].
وإنَّ هَؤُلاَء المُخرِّبين إنَّما أَخذُوا فِكْرَهُم الهدَّام من فِكْرِ
الخَوَارج الخَارجين من قَبْل عَلَى الإِسْلاَم، وأخذُوهُ من دُعَاة الضَّلال
الَّذين وَصَفهُمْ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بأنَّهُم دُعاةٌ عَلَى
أبْوَاب جَهنَّم، مَنْ أَطَاعهُم قَذفُوهُ فيهَا. قيلَ: صِفْهُم لَنَا يَا رَسُولَ
اللهِ، ؟ فَقَالَ: «هُم قَوْمٌ مِنْ جِلْدَتِنَا، وَيَتَكَلَّمُونَ
بِأَلْسِنَتِنَا» ([1]).
ولقَدْ طَالَب هَؤُلاَء المُنَافقُون بإلْغَاء الولاَء والبَرَاء اللَّذين هُمَا أَوْثقُ عُرَى الإِسْلاَم، وَطَالبُوا بإلْغَاء الأَمْر بالمَعْرُوف والنَّهي عن المُنْكر اللَّذين
([1])أخرجه: البخاري رقم (3606)، ومسلم رقم (1847).