هُمَا ضَمانةُ بَقَاء المُجْتمع الإِسْلاَميِّ،
وَطَالبُوا بإلْغَاء الجهَاد فِي سَبيل اللَّه الَّذي هُوَ ذُرْوةُ سنَام
الإِسْلاَم، وَطالبُوا بتَصْفية المَنَاهج من المَوادِّ الشَّرعيَّة، ودَعَوا إلى
مُوَالاة الكُفَّار والمُشْركين، وَعَدم التَّفريق بَيْنهُم وبَيْن المُسْلِمِين،
فَمَاذا أبْقَوا للمُسْلِمِين من أَسْبَاب النَّجاة؟! إنَّهُم ما قَالُوا هَذِهِ
المَقَالات القَبيحة إلاَّ لأنَّهُم مُتَضايقُون من الإِسْلاَم وأهلِهِ، وَلمَّا
سَنَحتْ لَهُم الفُرْصةُ، أَبْدوا ما عِنْدهُم من الحِقْدِ والبَغْضاء للإِسْلاَم
والمُسْلِمِين، كَمَا قَالَ اللَّهُ فِي وَصْفهم: ﴿فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ﴾ [محمَّد: 30]، وَلَكن
سيكُونُ شَأْنُهُم شأن أسْلاَفهم من الذِّلَّة وَالهَوان، ولا يَضرُّون إلاَّ
أَنْفُسَهُم ﴿قُلۡ
مُوتُواْ بِغَيۡظِكُمۡۗ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ﴾ [آل عمران: 119].
وَإنَّ الشَّدائدَ والمَصَائبَ لا تزيدُ المُسْلِمِين إلاَّ تمسُّكًا
بدِينِهم، واقْتدَاء بنَبيِّهم وبأَئمَّتهم أَئمَّة الهُدَى، ومَصَابيح الدُّجَى؛
كشَيْخ الإِسْلاَم ابْن تَيْمية، وشَيْخ الإِسْلاَم مُحمَّد بْن عبد الوهَّاب،
اللَّذين جَعَلهُما هَؤُلاَء المُنافقُون نُمُوذجًا للغُلُوِّ والتَّطرُّف،
وهَكَذا لعَمَى بَصيرَتهم اعْتَبرُوا مصادرَ الخَير والهَدَايا مَصَادرَ للشَّرِّ
والغوايَة، كَمَا تَطيَّر أسْلاَفهم بالأنْبيَاء وأَتْبَاعهم.
وَقُلْ للعُيُون الرُّمد للشَّمس أَعْيُن *** سوَاك تَرَاها فِي مَغِيبٍ
ومَطْلعِ
وسَامَح عُيُونًا أَطْفأ اللَّهُ نُورَها *** بأهْوَائها فلاَ تُفيقُ ولاَ
تَعِي
ومَنْ يَكُ ذا فمٍ مُرٍّ مَرِيضٍ *** يَجدْ مُرًّا به العَذب الزُّلاَلا
وَإنَّ من عَمَى البَصيرَة أنْ يَعْتقد الإنْسَانُ البَاطلَ حقًّا، والحقَّ
باطلاً، وإنَّنا نَدْعُو هَؤُلاَء أن يَثُوبُوا إِلَى رُشْدهم ويكفُّوا
أَلْسنَتهُم، وإلاَّ فَإنَّهُم لا يَضرُّون إلاَّ أَنْفُسهم، وللإِسْلاَم رَبٌّ
يَحْميه، وللعُلَماء ربٌّ يَنْتصرُ لهُم