والسَّطحيَّة فِي التَّفكير، وقُصُور النَّظر،
وأنَّهُم لا يَفْهمُون فِقْهَ الوَاقع، وأنَّهُم عُلَماءُ جُزئيَّاتٍ وأَصْحابُ
مَنَاصب أوْ عُلَماء سَلاَطين أو عُمَلاء، وغَيْر ذَلِكَ من الألْقَاب المُنفِّرة
عَنْهُم، ويُلمِّعُون للشَّباب أصْحَاب المَنَاهج الجَديدَة، والمُفكِّرين الَّذين
لَيْسَ عِنْدهُم عِلْمٌ بالأحْكَام الشَّرعيَّة، وإنَّما عِنْدهُم ثَقافةٌ عامَّةٌ
لا تُفرِّقُ بَيْن صَحِيحٍ وَسقيمٍ فِي العَقيدَة، وَلا تُفرِّقُ بَيْن بِدْعيٍّ
وسُنِّيٍّ، فكَيْف يُلْقَى باللاَّئمة - مع هَذِهِ المُعوِّقات - عَلَى
العُلَماء؟! أو يُقَال: إنَّهُم فِي بُرُوجٍ عَاجيَّةٍ لا يَلْتقُون بالشَّباب،
ولا يَنْزلُون فِي المَيَادين... إلخ!
ثَالثًا: هُنَاك مَنْ يقُولُون إِذَا
أفْتَى العُلَماءُ بخلاَف ما يَهْوون: إنَّ العِلْمَ لَيْسَ مَقْصُورًا عَلَى
عُلَماء المَمْلكة، فهُنَاك عُلَماءُ يَرَون غير هَذَا الرَّأي الَّذي رَآهُ
عُلَماءُ المَمْلكة، وكأنَّ الشَّريعة فِي نَظَر هَؤُلاَء تُؤْخذُ من آرَاء
الرِّجال، واللَّهُ تَعَالَى يقُولُ: ﴿فَإِن تَنَٰزَعۡتُمۡ فِي شَيۡءٖ فَرُدُّوهُ إِلَى ٱللَّهِ وَٱلرَّسُولِ إِن كُنتُمۡ تُؤۡمِنُونَ
بِٱللَّهِ وَٱلۡيَوۡمِ ٱلۡأٓخِرِۚ ذَٰلِكَ خَيۡرٞ وَأَحۡسَنُ تَأۡوِيلًا﴾ [النِّساء: 59]، فاللَّهُ لَمْ يَكلنا عندَ الاخْتلاَف إِلَى آرَاء
العُلَماء، وإنَّما أَمَرنا بالرَّدِّ إِلَى كتابِهِ وسُنَّة رسُولِهِ، والأَخْذ
بالَّذي يُعضِّدُهُ الدَّليلُ من أقْوَال العُلَماء، فإنْ لَمْ يَظْهر الدَّليلُ
مع أَحَدهم، وَصَارت الأَقْوَالُ مُتَساويةً، فإنَّ العملَ عَلَى ما عَلَيْه
القَضاءُ والفَتْوى فِي البَلَد، عَلَى القَاعدة الَّتي تَقُولُ: «حُكْمُ الحَاكم
يَرْفعُ الخلافَ»؛ فالأُمُورُ الشَّرعيَّةُ - وللَّه الحمدُ - مُنْضبطةٌ ولَيْست
فَوْضى بحَسَب الأهْوَاء والرَّغبات، والَّذين يقُولُون هَذِهِ الأقوالَ فِي حقِّ
العُلَماء يُريدُون نَزْعَ الثِّقة بهم، وفَصْل المُجْتمع - وخُصُوصًا الشَّباب -
عَنْهُم، وهَذَا هَدْمٌ وتَضْييعٌ، والشَّاعرُ يقُولُ:
مَتى يبلُغُ البُنْيانُ يومًا تمَامَهُ *** إِذَا كُنتَ تَبْني وغيرُكَ
يَهْدم