حول تغيير المناهج
الدراسية
الحَمْدُ للَّه، والصَّلاة والسَّلام عَلَى رسُول اللَّه، نَبيِّنا
مُحمَّدٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومَنْ وَالاهُ، وبَعْد:
فَقَدْ تَعَالت الصَّيحاتُ مُنذُ زَمانٍ بالمُطَالبة بتَغْيير المَنَاهج
الدِّراسيَّة، وَزَادت هَذِهِ الصَّيْحات والمُطَالبات فِي هَذَا الوَقْت
لدَوَافعَ اللَّهُ أَعْلمُ بها، وبمَقَاصِدِ أصْحَابها، ولا شَكَّ أنَّ المَناهجَ
تَشْتملُ عَلَى مَوادَّ دِينيَّةٍ ولُغويَّةٍ وَموادَّ دُنيويَّةٍ، وتَشْتملُ
عَلَى كُتُبٍ مُؤلَّفةٍ فِي كُلِّ مَادَّةٍ؛ فَأمَّا المَوادُّ الدُّنيويَّةُ
«أيْ: العُلُوم الدُّنيويَّة»، فلاَ مَانعَ من تَغْييرها أو تَغْيير الكُتُب
المُقرَّرة فيها؛ لأنَّها عَملٌ بَشريٌّ يَتغيَّرُ حَسَب المُتطلَّبات.
وَأمَّا العُلُومُ الدِّينيَّةُ بما فيهَا من تَوْحيدٍ وتَفْسيرٍ وَحَديثٍ وفِقْهٍ وعُلُومٍ عَربيَّةٍ، فلاَ يُمْكنُ تَغْييرُها بحَذْف شيءٍ منها، أَو اسْتبدَاله؛ لأنَّ الأُمَّةَ بحَاجةٍ إِلَى مَعْرفتها، وَمَا زَال المُسْلمُون يَدْرُسُون هَذِهِ العُلُومَ، ويَهْتمُّون بها فِي الدِّراسَة النِّظاميَّة، وَالدِّراسة غَيْر النِّظاميَّة فِي المَسَاجد وحِلَقِ العِلْمِ؛ لأنَّ بها تحصُلُ مَعْرفتُهُم بعَقيدَتهم وبدِينِهمْ الَّذي هُو ضَمانةُ بَقَائهم وَعزِّهم، فأيُّ خَللٍ يحصُلُ فيها سيَتَرتَّبُ عَلَيْه خللٌ فِي دِينِهمْ وبَقَائهم، لذَا فإنَّهُ يَجبُ عَلَى المُسْلِمِين الاهْتمَامُ بهَذَا المَنْهج، والحفَاظ عَلَيْه، وَعَدم الإخْلاَل بشيءٍ منهُ، وإنْ كَانَ الأعداءُ يُحَاولُون التَّأثيرَ عَلَيْه، ويُطالبُون بتَغْييره، فلَيْس ذَلِكَ بغَرِيبٍ مِنْهُم، فقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: ﴿وَدَّ كَثِيرٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ لَوۡ يَرُدُّونَكُم مِّنۢ بَعۡدِ إِيمَٰنِكُمۡ كُفَّارًا حَسَدٗا مِّنۡ عِندِ أَنفُسِهِم مِّنۢ بَعۡدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ ٱلۡحَقُّۖ﴾ [البقرة: 109].
الصفحة 1 / 325