وَقَالَ تَعَالَى: ﴿مَّا يَوَدُّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ وَلَا
ٱلۡمُشۡرِكِينَ أَن يُنَزَّلَ عَلَيۡكُم مِّنۡ خَيۡرٖ مِّن رَّبِّكُمۡۚ﴾ [البقرة: 105].
وأمَّا الكُتُبُ الدِّراسيَّةُ فِي تِلْكَ العُلُوم الدِّينيَّة، فَيَجبُ
أَنْ يكُون النَّظرُ فيها بما يُرقِّيها إِلَى أحْسَن مُستوًى، وأَكْثر فَائدَة،
فَإِذَا كَانَ لا بُدَّ من النَّظر فيها، فلاَ بأسَ أن يَتولَّى النَّظر فيهَا
أَهْلُ العِلْمِ المُختصُّون، ويُعْرضُ عَلَى هَيْئة كبَار العُلَماء ما
تَوصَّلُوا إلَيْه ضَمانًا لبَقَاء تِلْكَ العُلُوم وإنْمَائها، باخْتيَار الكُتُب
المُلاَئمة المُفيدَة من الكُتُب المُؤلَّفة القَديمَة، أو تَأْليف كُتُبٍ
جَديدَةٍ عَلَى نَمَطها تَتلاَءمُ مَع مَدَارك الطَّلبة، ولاَ يجُوزُ التَّغييرُ
فِي الكُتُب المُؤلَّفة القَديمَة بحَذْف شيءٍ، أَوْ زيَادة، أوْ شَطْب شيءٍ، أو
تَقْديمٍ أو تأخيرٍ - ولا حَذْف أسمَاء مُؤلِّفيها؛ لأنَّ ذَلِكَ خِيَانةٌ
للأمَانَة العلميَّة، وهُوَ من جِنْسِ تَحْريف أَهْل الكتَاب لكُتُبهم، وهُوَ مَا
ذَمَّهُم اللَّهُ به، وَعَابهُ عَلَيْهم، فلاَ يجُوزُ التَّصرُّفُ فِي كُتُب
الأئمَّة كالإمَام الشَّيخ مُحمَّد بْن عَبْد الوهَّاب بالتَّغيير وَالتَّبديل
والحَذْف معَ حَذْف اسمِهِ، كَمَا حَصَل من بَعْض العَابِثِين؛ لأنَّ هَذَا
خِيَانةٌ للأمَانَة العِلْميَّة، وَإساءةٌ إِلَى عُلَماء الأُمَّة.
فَالمرجُوُّ من
وَزَارة التَّربية والتَّعليم، وَمن وَزَارة التَّعليم العَالي -وهُمَا
المُؤْتَمنتان من قِبَلِ وليِّ الأمر عَلَى العِلْمِ والتَّعليم وثَقَافة
الأُمَّة- المرجُوُّ منهُما العنَايةُ بهَذَا الأَمْر، والمُحَافظة عَلَى
مُؤلَّفات الأئمَّة من العَبَث، والمُحَافظة عَلَى أنْ تَكُون المُؤلَّفاتُ
الجَديدةُ مُسَايرةً لتِلْكَ المُؤلَّفات الأصليَّة، وألاَّ يَلْتفتُوا إِلَى
الدِّعايات المُضلِّلة، وَالصَّيحات المُغْرضة الَّتي تَهْدُفُ إِلَى صَرْف
الأُمَّة عن دِينِها ومَوْرُوثاتها العلميَّة الأصليَّة، حتَّى تَنْشأ أجيالُهَا
عَلَى الجَهْل، وَالبُعْد عن الدِّين حتَّى يَسْهل