وحال الحربِ، ليسَ هو شيئًا جديدًا في الإسلامِ
ولا قولاً مُحدَثًا، ونحن إنَّما نَذكُره لنذَكِّرَ به ونبيِّن ما حصل حولَه من
التباسٍ، حيثُ إنَّ بعضَ الغلاةِ الَّذين يمشُون على خطِّ الخوارجِ فهموا أنَّ
العداوةَ والبراءةَ من الكفَّارِ وبغضهم يقتضِيَانِ تحريم التَّعامل معهم نهائيًا،
ولم يفهموا أنَّ المرادَ البراءة من دِينِهم في محبَّتهم، لا أنَّ المرادَ ترك
التَّعامل معهم فيما أباحَ اللَّهُ، والاعتداء عليهم بتفجِيرِ مسَاكِنِهم، وقتْلِ
المُسَالمين منهم وقتل أولادِهم ونسائِهم وإتلاف ممتلكاتهم، وأنَّ هَذَا هو
الجهادُ في سبيلِ اللَّهِ عند هَؤُلاءِ، ولو كان هَؤُلاءِ الكفَّارُ لهم أمانٌ من
المسلمين وهم في بلادِهم أو في بلادِ المسلمين، وفريقٌ من النَّاس ظنُّوا أنَّ
بُغْضَ الكفَّارِ والبراءة منهم إرهابٌ وعدوانٌ عليهم، يقولون: لأنَّ دِينَ
الإسلامِ دينُ المحبَّة والولاء لكلِّ النَّاسِ. كمَا ظهر ذلك في بعضِ المحادثات
والمحاورات والكتابات الَّتي تُنشَرُ في بعضِ الصُّحفِ وغيرها، وقدِ استغلَّ هَذَا
الوهَمَ الكفَّارُ والمنافقون فقالوا: إنَّ دينَ الإسلامِ دِينُ إرهابٍ ووحشيَّةٍ.
لِمَا رأوا وسَمِعُوا من تصرُّفاتِ بعضِ المنتسبين إليه عن سوءِ فهمٍ لأصلِ
الولاءِ والبراءِ.
ونقولُ لهؤلاءِ وأولئكَ: الإسلامُ دينُ الرَّحمةِ
لأتباعِه ودينُ الوفاءِ والعدلِ مع أعدَائِه، قالَ اللَّهُ تَعالى: ﴿وَلَا يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنََٔانُ
قَوۡمٍ أَن صَدُّوكُمۡ عَنِ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ أَن تَعۡتَدُواْۘ
وَتَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ
وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۖ إِنَّ ٱللَّهَ شَدِيدُ ٱلۡعِقَابِ﴾ [المائدة: 2]، وقَالَ
تَعَالَى: ﴿وَلَا
يَجۡرِمَنَّكُمۡ شَنََٔانُ قَوۡمٍ عَلَى أَلَّا تَعۡدِلُواْ ٱعۡدِلُواْ هُوَ
أَقۡرَبُ لِلتَّقۡوَىٰۖ وَٱتَّقُواْ ٱللَّهَۚ﴾ [المائدة: 8]، ﴿إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمُۢ بِذَاتِ ٱلصُّدُورِ﴾ [آل عمران: 119]، فالإسلامُ وإن كان يأمرُ
بمعادَاةِ الكفَّارِ لأجلِ دينهِم؛ لئلاَّ يَسرِي على