كُلِّ ما يكرهه الله ورسوله، ولهذا كان السَّلف
يُحذِّرون هذا.
***
قوله: ﴿أَلَمۡ يَأۡنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَن تَخۡشَعَ قُلُوبُهُمۡ
لِذِكۡرِ ٱللَّهِ﴾ [الحديد: 16] أي: أما آن لأهل الإيمان أن تخشع قلوبهم لذكر الله، أي: تلين
عند الذكر والموعظة وسماع القرآن، وتنقاد له، وهذا كقوله تعالى: ﴿ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحۡسَنَ
ٱلۡحَدِيثِ كِتَٰبٗا مُّتَشَٰبِهٗا مَّثَانِيَ تَقۡشَعِرُّ مِنۡهُ جُلُودُ
ٱلَّذِينَ يَخۡشَوۡنَ رَبَّهُمۡ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمۡ وَقُلُوبُهُمۡ إِلَىٰ
ذِكۡرِ ٱللَّهِۚ ذَٰلِكَ هُدَى ٱللَّهِ يَهۡدِي بِهِۦ مَن يَشَآءُۚ﴾ [الزمر: 23] فمن
وسائل الخشوع التَّدبُر عند تلاوة القرآن، لا أن يُمرّه على اللسان دون تدبّر
معانيه وغاياته، ولهذا قال جل وعلا: ﴿كِتَٰبٌ أَنزَلۡنَٰهُ إِلَيۡكَ مُبَٰرَكٞ لِّيَدَّبَّرُوٓاْ ءَايَٰتِهِۦ﴾ [ص: 29]، وقال: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ
ٱلۡقُرۡءَانَۚ وَلَوۡ كَانَ مِنۡ عِندِ غَيۡرِ ٱللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ
ٱخۡتِلَٰفٗا كَثِيرٗا﴾ [النساء: 82].
ومن أسباب الخشوع
أيضًا: أن تكون التلاوة في حالة ليس فيها ما يشوِّش على القارئ من أصوات، وأحاديث،
فذلك أدعى إلى حضور الذهن، وانتباه الحواس، ولذلك جاء أنَّ القيام في آخر الليل
أفضل من القيام في أوله قبل النوم، قال تعالى: ﴿إِنَّ نَاشِئَةَ ٱلَّيۡلِ هِيَ أَشَدُّ وَطۡٔٗا وَأَقۡوَمُ قِيلًا﴾ [المزمل: 6]
والناشئة: هي القيام بعد النوم، فيكون المرء صافي الذهن وحاضر القلب فيتوافق القلب
مع اللسان، فيمرُّ القرآن على القلب قبل اللسان، وقد نهانا الله عن التشبُّه بأهل
الكتاب في قسوة قلوبهم مع رؤيتهم الآيات وسماعهم للكتاب.
فنحن منهيّون أن نتشبَّه باليهود في تغافلهم وانشغالهم عن التوراة والإنجيل، فلقد أنزل الله فيهما الموعظة والحكمة، ولكن قلوبهم لا تزال قاسية.