×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 ﴿وَءَامَنتُم بِرُسُلِي أي: بجميع الرُّسُل، وهم كفروا ببعض الرُّسل، فاليهود كفروا بعيسى عليه السلام وبمحمدٍ صلى الله عليه وسلم، والنَّصارى كفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم، ومن كفر برسول واحد، فهو كافر بجميع الرسل، فإنَّ الله جل وعلا أمر بالإيمان بجميع الرسل، وبجميع الكتب.

﴿وَعَزَّرۡتُمُوهُمۡ [المائدة: 12] أي: وقَّرتُموهم واحترمتُموهم؛ لأنَّ حقّ الرَّسول التعظيم والتوقير والاحترام من غير غُلوّ كغُلوِّ النصارى في المسيح، أو غُلوّ القبوريين من هذه الأمَّة في النبي محمد صلى الله عليه وسلم، أو في الأولياء والصالحين، فالمقصود التَّعزير، قال الله - عز وجل: ﴿فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِيٓ أُنزِلَ مَعَهُۥٓ [الأعراف: 157]. والتعزيز يُطلق على معنيـين متضادّيـن: يُطلق التَّعزيز ويراد به: التوقير والإكرام وهو المراد هنا، ويطلق ويُراد به: التأديب على المخالفات التي ليس فيها حدٌّ ولا كفَّارة. ﴿وَأَقۡرَضۡتُمُ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يعني: إنفاق الأموال في سبيله وابتغاء مرضاته، كأنك تقرض الله عز وجل لأنَّ الله يرده عليك مضاعفًا أضعافًا كثيرة، وهو سبحانه ليس في حاجة إلى القرض، وإنما الفائدة عائدة عليك، فأنت تعطيه للفقير، والله يعوّضك ويضاعفه لك، فالله غنيٌّ عن خَلْقِه، فأنت إنما تُقرض نفسك في الحقيقة، ولكن لـمَّا كانت الصدقة لوجه الله ولطلب الثواب من الله صرت كأنك أقرضته لله، لأنك أطعت أمر الله عز وجل ولهذا قال: ﴿قَرۡضًا حَسَنٗا وصفه بالحَسن، يعني: لا مِنَّة فيه، أما القَرْض الذي يكون فيه مِنَّة، فإنه باطل، قال سبحانه: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تُبۡطِلُواْ صَدَقَٰتِكُم بِٱلۡمَنِّ وَٱلۡأَذَىٰ [البقرة: 264]، وكذلك القروض التي تكون بين النَّاس،


الشرح