في خلافة عمر، ومن مسؤولية الأمير أن يتفقد أهل البلد، ويتفقد العلماء وطلبة العِلم، والقُضاة، وهيئات الأمر بالمعروف والنهي عن الـمُنكَر؛ لأنَّ هذا من صميم عمله. فجمع القراء مرّة، والمراد بالقراء في ذاك الوقت - أي: في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وعهد الخلفاء والقرون المفضلة - العلماء، فهم بالإضافة لحفظ القرآن فقهاء، ثم إنّه حذَّرهم أن يسلكوا مسلكَ اليهود أو النصارى مع القرآن، بأن يحصل منهم إعراضٌ أو جدالٌ أو خوضٌ في القرآن؛ لأنَّ هذا يسبب قسوة القلوب، وهذا الذي حصل لبني إسرائيل مع كتبهم، حيث كانت فيها النصيحة والموعظة، ومع ذلك تركوها، والقراء وهم العلماء يجب أن يكونوا أفضل الناس، لا سيّما إذا عملوا بعِلمهم، واتقوا ربهم وراقبوه، فإذا لم يفعلوا، ولم يعملوا بعِلمهم، فالله شبَّههم بالحمير حيث قال: ﴿مَثَلُ ٱلَّذِينَ حُمِّلُواْ ٱلتَّوۡرَىٰةَ ثُمَّ لَمۡ يَحۡمِلُوهَا كَمَثَلِ ٱلۡحِمَارِ﴾ [الجمعة: 5]، وفي آية أخرى قال سبحانه وتعالى: ﴿وَٱتۡلُ عَلَيۡهِمۡ نَبَأَ ٱلَّذِيٓ ءَاتَيۡنَٰهُ ءَايَٰتِنَا فَٱنسَلَخَ مِنۡهَا فَأَتۡبَعَهُ ٱلشَّيۡطَٰنُ فَكَانَ مِنَ ٱلۡغَاوِينَ﴾ [الأعراف: 175]، إلى قوله تعالى: ﴿فَمَثَلُهُۥ كَمَثَلِ ٱلۡكَلۡبِ﴾ [الأعراف: 176]: شبّهه بالكلب، فالعالم إما أن يكون من أرفع الناس منزلة، وإما أن يكون من أسفل الناس منزلة، وقد جاء في الحديث: «إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ» ([1])، وقد جاء في الحديث أيضًا: أنَّ من الذين يُسحبون يوم القيامة إلى جهنَّم
([1])أخرجه: مسلم رقم (817).