فأمَّا سَهْلُ بن أبي
أمامَة، فقد وثَّقهُ يحيى بن مَعين وغيره، وروى له مُسْلِمٌ وغيرُه، وأمَّا ابن
أبي العمياء، فمِن أهلِ بيت المقدِس ما أعرف حاله، لكنَّ رواية أبي داود للحديث
وسكوتَه عنه يقتضي أنَّه حَسَنٌ عِنْده، وله شواهدُ في «الصحيح».
فأمَّا ما فيـه من
وَصْـفِ صـلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتَّخفيـف، ففي «الصحيحـين» عنه -
أعني أنس بن مالك - قال: كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُوجِزُ الصَّلاَةَ
وَيُكْمِلُهَا ([1]).
***
هذه نماذج من
التسهيل، وقوله: «كان صلى الله عليه وسلم يقول: «لاَ
تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدَّدَ عَلَيْكُمْ»...» المقصود:
أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أمته من الغلوّ والتشدُّد، فإنَّ
التشدُّد يُفضي إلى محاذير:
منها: أنَّ صاحبه ينقطع
عن العمل ولا يستمر.
ومنها: أنَّ الشيطان يتسلّط عليه إذا فارق جماعة المسلمين وانعزل عنهم في الدِّيارات والصَّوامع وما أشبه ذلك، والإسلام دائمًا يدعو إلى الاجتماع والجماعة، ومخالطة الناس والصبر على أذاهم، فالانعزال عن جماعة المسلمين كُلُّه محاذير وشرّ، ولهذا الإسلام شرع لنا الاجتماعات في العبادات، كالصلوات الخمس في المساجد، وفي الجمعة وهي أكبر الاجتماعات في كل أسبوع، وفي العيدين، وفي الحج فهو من أكبر اجتماعات المسلمين، فدينُنا دين الاجتماع، وليس دين التفرق والتشتت. ومن مفاسد التشدد أيضًا: أنَّ من تشدَّدَ شدَّدَ اللهُ عليه، عقوبة
([1])أخرجه: البخاري رقم (706)، ومسلم رقم (469).