×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 صلاته كانت معتدلة في قيامها وركوعها وسجودها، وكذا بعد الرفع من الركوع والسجود، فكان صلى الله عليه وسلم يعتدل من الركوع قائمًا ويطيل ذلك حتى يقال: إنه قد أوهَم، أي: نَسِي، وكذلك بين السجدتين يجلس ويطيل الجلْسة، وفي هذا تنبيه لمن يُخلّون بهذين الرُّكنين، أي: الاعتدال من الركوع والسجود؛ لأنَّ البعض لا يكاد يرفع من الركوع أو السجود حتى يهوي مرّة أخرى دون طمأنينة واعتدال، فلا يجلس بين السجدتين، ولا يعتدل من الركوع ويقف، وهذا خلاف سُنَّة الرسول صلى الله عليه وسلم، وهذا تضييعٌ لركنين من أركان الصلاة. ونَقْل الصحابة هذه الصفة واهتمامهم بها يدلُّ على حرص أهل السُّنّة وأهل العلم على الاقتداء بصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم؛ لأنه هو القدوة والأسوة. وقولُه: «عمر رضي الله عنه مدّ في صلاة الفجر»» يعني: كان يطيل القراءة في صلاة الفجر، وهذا الفعل له أصل؛ لأنَّ الله جل وعلا يقول: ﴿وَقُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِۖ إِنَّ قُرۡءَانَ ٱلۡفَجۡرِ كَانَ مَشۡهُودٗا [الإسراء: 78] والمراد بقرآن الفجر: صلاة الفجر، سميت قرآنًا لأنها تطول فيها القراءة، فعمر أخذ بهذا رضي الله عنه، وربما كان القصد أنَّ عمرَ كان يخشع في صلاته وقراءته ولا يسرع فيها، فيكون هذا هو القصد في إطالة القيام؛ نظرًا لأنه يخشع في صلاته ويبكي.

قوله: «مَا صَلَّيْتُ خَلْفَ رَجُلٍ أَوْجَزَ صَلاَةً مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَمَامٍ...») المقصود بأوجز وإيجاز مع الإتمام، ولذلك قال: في تمام. هذا هو المراد بالأوْجَز، فلا يأخذ هذه اللفظة بعض أهل الأهواء والجهال ليتلاعبوا بالصلاة ويقولوا: نحن نوجز كما أوجز النبي صلى الله عليه وسلم؛


الشرح