يصلي خلف المتنفِّل؛ لأنَّ الصلاة الثانية بالنسبة لمعاذ رضي الله عنه نافلة، والفريضة هي التي أدَّاها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإنما الذي استنكره النبي صلى الله عليه وسلم على مُعاذ إطالتهُ بهم إطالةً شاقَّة، حيث قرأ بهم بسورة البقرة، ومعلوم أنَّ سورة البقرة هي أطول سورة في القرآن الكريم، فشقَّ ذلك عليهم، وفارقه رجل وأكمل الصلاة لنفسه وسلَّم وذهب لحاجته، فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، أنكر على مُعاذ؟، وقال: «أَفَتَّانٌ أَنْتَ يَا مُعَاذُ؟» والفِتنة هي إثارة الجدال بين الناس، أو إثارة التنفير للناس. والمطلوب من العالم، وطالب العلم، والداعية إلى الله أن يؤلِّف بين الناس ولا ينفّرهم، وأن يرغِّبهم في الخير، ولا يعمل باجتهاده هو ورغبـة نفسه وإن كان الأمر خيرًا، فإنَّ مُعاذًا رضي الله عنه لا يقصد إلاَّ خـيرًا، وذلك لفِقْهِه ومبلغ علْمه رضي الله عنه، ولكن الإمام لا يعمل باجتهاده الخاص؛ لأنَّ ذلك ربما يشق على المأمومين، لذلك أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على مُعاذ، وهذا في الحقيقة إنكار على كثير من الأئمة اليوم، لا سيّما الشَّباب الذين يتولُّون إمامة المساجد، ثم يُشوِّشون على الناس باجتهاداتهم، غير مراعين أحوال المأمومين وما عليه العمل في البلاد، مما سبب مشاكل. وفي الحديث: أنه مع شدة حبِّ النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ، فهو من أفاضل الصحابة رضي الله عنهم أجمعين، لم يمنعه من أن ينكـر عليه، لما في الإطالة من الفتنة على المأمومين، ثم أرشده أن يقرأ من أواسط الـمُفصَّل: ﴿وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ﴾ [الليل: 1]، و ﴿وَٱلضُّحَىٰ﴾ [الضحى: 1]، و﴿وَٱلشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا﴾ [الشمس: 1]، أمّا الفجر فيقرأ فيه من طِوال الـمُفصَّل كما سبق بيانه، وهو ما بين سورة ق