×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 إلى سورة النبأ، وفي المغرب من قصار المفصَّل، وهو من الضُّحى إلى آخرِ النَّاس، وفي باقي الصلوات الظُّهر والعصر والعشاء يقرأ من أوساط الـمُفصَّل، وهو ما بين النبأ إلى الضُّحى. وفي هذا الحديث إنكار على كثـير من الأئمة اليوم وخصوصًا الشباب منهم - هداهُم الله - الذين هجـروا المفصل، فلا يقرؤون منه في صلواتهم، وإنما يقرؤون من أوَّل القرآن مقطعًا، تاركين للسُّنّة وتاركين للرفـق بالمأمومين، حيث إنَّ القراءة من المفصل أرفق بالناس، ولما في سور المفصل من الجزالة والقوة وغرس عقيدة التوحيد، وغير ذلك من الأسرار التي في سور المفصل، وقد يُظن بمن يهجر المفصل من الأئمة بأنه يريد الظهور، لا سيّما إذا قرأ من السور الطوال وترك غيرها، ونحن إن شاء الله نظُنُّ بهم الخير، لكن هم ليسوا أحسن من مُعاذ، وليسوا أحرص على الخير من مُعاذ، وليسوا أكثر عِلْمًا من مُعاذ، وليسوا أحب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مِن مُعاذ، ومع هذا أنكرَ عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأمره أن يقرأ من أواسط الـمُفصَّل.

وقوله: «كَانَ أَخَفَّ النَّاسِ صَلاَةً فِي تَمَامٍ...» هذا الكلام من أنس قد يوجِد إشكالاً عند البعض فالنبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على التخفيف، كما سبق في حين أنه كان هو صلى الله عليه وسلم يُطيل الصلاة، وأنه كان يقرأ بالسِّتين إلى المئة في الفجر في الرَّكعة الأولى أو في الرَّكعتين كما سيأتي، فكيف نجمع بين فِعْلِه وقوله صلى الله عليه وسلم ؟ وهذا الإشكال يجاب عنه من وجهين:

الأول - وهو المشهور: أنّه إذا كان المأمومون يؤثرون التطويل، فإنه يطوِّل بهم، وهذا هو الذي يحمل عليه فِعْلُه صلى الله عليه وسلم، فإنَّ الصحابة كانوا


الشرح