يُحبُّون الصلاة خَلْف النبيِّ صلى الله عليه
وسلم، ويؤثرون استماع القرآن مِنْه، ويرغبون في التطويل، وأمَّا إذا كان يشق
عليهم ولا يرغبونه، فإنه يخفف كما أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم
مُعاذًا وغيرَه، لأنّه عمَّم وقال: «أَيُّكُمْ أَمَّ النَّاسَ فَلْيُخَفِّفْ».
والثاني: ما ذكره الشيخ وذكره
ابن القيِّم رحمه الله في «زادِ المَعاد»: أنَّ التخفيف الذي أمر به صلى
الله عليه وسلم هو ما كان يفعله عليه الصلاة والسلام؛ لأنّ صلاتَه كانت
معتدلة بين التطويل الشاق، وبين التخفيف الـمُخِل.
وقوله: «وإن عرض مَا
يَقْتَضِي التَّخْفِيفَ...» المقصود: أنه إن عرَض ما يقتضي التطويل -
وهو رغبة المأمومين بالتطويل - فإنه يُطوِّل، وإن عَرض العكسْ - وهو ما يقتضي
التخفيف - خَفَّف، والدليل على ذلك: أنه صلى الله عليه وسلم لما سمع
بكاء الصَّبي خفف الصلاة رحمةً بأمِّه. فالمقصود: أنه إذا كان هناك أحوال
تقتضي تخفيف الصلاة نظرًا لظروف معيّنة، كأن يكونوا مثلاً في سَفَر، أو يكون
التطويل يفوت عليهم حاجتهم، فالواجب على الإمام أن يُخفِّف بهم لأجلِ أن ينصرفوا
إلى ما يحتاجون إليه من ضبط أعمالهم.
وقوله: «فقد تبيَّن أنَّ حديث أنس تضمَّن مخالفة من خفَّف الركوع والسجود...» أي: أنَّ الذي يقصده أنس ما حصل من بعض الأمراء في عهد الصحابة أنهم خالفوا السُّنّة، إمَّا لجهل منهم وهذا هو الغالب، وإما لأمرٍ آخر، فكانوا يُطيلون القيام ويقصِّرون الركوع والسُّجود، وهذا خلاف السُّنّة.