×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

الآخَرين، وهذا مخالِفٌ لما أمرَ اللهُ ورسولُه به، حيث قال: «صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي» ([1])، ولم يَقُل: كما يُسمِّيه أهلُ أرضِكم خفيفًا، أو كما يعتادونَه. وما أعلمُ أحـدًا من العلماء يقول ذلك، فإنَّه يُفْضي إلى تغيـير الشَّريعة، ومَوْت السُّنن، إمَّا بزيادة وإمَّا بَنْقص، وعلى هذا دلّت سائر روايات الصحابة.

***

  قوله: «وكذلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التطوع، فإنه إذا صلّى بالليل وحده طول...» أي: أنه إذا صلّى بالناس في الفريضة يُراعي أحوال المأمومين، فيُطيل من غير أن يملَّ النـاس، ويخفف من غير أن يخلّ بالصَّلاة، ولهذا قالوا: صلاةُ النبي صلى الله عليه وسلم تخفيف مع تمام، وأمَّا إذا صلّى وحده، فإنَّه كان يُطيل القيام والركوع والسجود، كما في حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: صلَّيتُ مع النبيّ ذاتَ ليلةٍ، فافتتح البقرة فقلت: يركع عند المئة ثم مضى... إلى أن قال: ثم ركع، فجعل يقولُ: «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ»، فكان ركوعُه نحوًا من قيامه ([2])، وهذا كقوله صلى الله عليه وسلم: «إِذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ النَّاسَ فَليُخَفف، فَإِنَّ فِيهِمْ: الْكَبِيرَ، وَالضَّعِيفَ، وَذَا الْحَاجَةِ، وَإِذَا صَلَّى لِنَفْسِهِ فَلْيُطَوِّلْ مَا شَاءَ»؛ لأنه إذا صار وحده لا يشقُّ على أحد، فإذا اختار التطويل فلْيطوِّل. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن المسلم وإن صلّى وحده، فلا بدّ أن تكون الصلاة متناسبة، فإذا أطال القيام أطال الركوع والسجود، وإذا خفَّفَ القيام خفَّفَ الرُّكوع والسُّجود.


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (631).

([2])أخرجه: مسلم رقم (772).