×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 بأهل الكتابين: اليهود والنصارى، فيما يختصّون به في دينهم وعاداتهم وتقاليدهم، لأن ديننا ولله الحمد فيه الغنى، وفيه الكمال والتمام، فلسنا بحاجة لما عند غيرنا لنضيفه إلينا ونبتدع في دين الله عز وجل. اليهود اتصفوا بالقسوة، وغلظ الأكباد، قال تعالى: ﴿ثُمَّ قَسَتۡ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَٱلۡحِجَارَةِ أَوۡ أَشَدُّ قَسۡوَةٗۚ [البقرة: 74]، وهذه القسوة كانت بعد ما أراهم الله إحياء الموتى كما جاء في سورة البقرة، وكان المفروض أن تلين قلوبهم لما يشاهدونه من قدرة الله عز وجل ولكن كان العكس، والنصارى يغلب عليهم اللين ولذلك ابتدعوا رهبانية ما كتبها الله عليهم، وكلا الفريقين مذموم مرذول، نهانا الشارع عن التشبُّه بهما.

قوله: «وقد ابتلي بعض المنتسبين منا إلى علم أو دين بنصيب...» هذا كما مضى الحديث عنه أنه سيكون في هذه الأمة من يحذو حذوهم، كما أخبر صلى الله عليه وسلم، بقوله: «لَتَتْبَعُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» والإخبار بذلك إنما هو من باب النهي والتحذير، فلا يقال: هو أمر واقع لا خلاص منه، وإنما هو من باب الإخبار الذي يتضمّن النهي، ولا يقال لمن تشبه بهم: إنَّ نيته صالحة، فليست العبرة بالنِّـيّات والمقاصد، وإنما العبرة باتّباع الدليل، والاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم.

وقوله: «الْقُطْ لِي حَصًى، فَلَقَطْتُ لَهُ سَبْعَ حَصَيَاتٍ، هُنَّ حَصَى الْخَذْفِ...» يعني: ليست كبـيرة، وهذا من حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أمته، حتى لا تضلّ عن دينها، فتخرج عن الجادّة بغلوٍّ أو بتساهل كما فعل أهل الكتابين من قبلنا، وكان صلى الله عليه وسلم يحذّر في كل مناسبة أمّته من


الشرح