وقوله: «أنَّ أم سلمة وأم حبيبة ذكرتا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كنيسة رأتاها بأرض الحبشة...» هذا حديث صحيح وقد تكاثرت الأحاديث الصحيحة في هذا الأمر، لعظم الـخَطب، وإن تساهل فيه كثير من الناس، أو تناسوه أو وقعوا فيه، ولأهمية الأمر نبّه النبيُّ صلى الله عليه وسلم عليه في آخر لحظة من لحظات حياته، فيجب أن يكون هذا الأمر محلّ اهتمام المسلمين، فالواجب على الدُّعاة أن يكون أول ما يدعون الناس إليه التخلّص من الشركيّات، وإخلاص العبادة لله، ثم يدعونهم إلى حُسن الأخلاق والصدق في البيع والشراء وغير ذلك من الآداب الشرعية، فلا بدَّ من الاهتمام بإصلاح العقيدة أولاً. وفي الحديث من الفوائد: أنه ينبغي أن يذكر في المناسبات ما يناسبها، فإنه يكون أوقع في القلب وأوضح في البيان، ولذلك فإنَّ النبي صلى الله عليه وسلم عند موته والقرب من دفنه صلى الله عليه وسلم خشي أن يُتخذ قبره صلى الله عليه وسلم عيدًا كما اتُخذت قبور الأنبياء من قبله، فحذَّر من هذا الأمر في هذه المناسبة، فإذا كان لا يجوز هذا الأمر في حقّه وهو مَنْ هو، فغيره من باب أَولى، لا سيما الملوك والأنبياء والصالحين والعلماء. ومفاد هذا الحديث أنَّ أم سلمة، وأم حبيبة بنت أبي سفيان - زوجتي الرسول صلى الله عليه وسلم - رأتا هذه الكنيسة، وذلك لأنهما هاجرتا إلى الحبشة مع من هاجر، والحبشة كانت بلاد نصارى، يَعبد أهلها الصليب والمسيح، ولهم كنائس يقيمونها لأجل عبادة المسيح والصليب، وكانوا يصوّرون الصور ويعلّقونها في الكنيسة، ومنها صورة المسيح مصلوبًا على خشبة بزعمهم، وصورة العذراء، وصور صالحيهم وغير ذلك،
الصفحة 3 / 417