الموصلي عن علي بن الحسين: «أنه رأى رجلاً يجيء عند فرجة...» فقد أنكر علي بن الحسين على ذاك الرجل الذي كان يأتي إلى فرجة عند قبر النبيِّ صلى الله عليه وسلم يدعو عندها؛ لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم دُفن في حجرة عائشة رضي الله عنها، والحجرة فيها فُرجة، وتُركت هذه الفرجة على طبيعتها، فكان يأتي هذا الرجل ويدخل في هذه الفرجة ويسلم على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ويصلِّي عليه ويدعو، فخشي عليه علي بن الحسين من الغلوّ، ودعاه وقال له: لماذا تأتي هنا؟ قال: آتي لأصلِّي على النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال له: ألا أحدثك حديثًا عن أبي، عن جدي، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّ صَلاَتَكُمْ تَبْلُغُنِي حَيْثُ كُنْتُمْ» فلا حاجة إلى أن تذهب إلى قبر الرسول لِتصلي عليه، بل صلِّ عليه في أي مكان من الأرض كنت، فإن صلاتك تبلغه، قال الله سبحانه وتعالى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا﴾ [الأحزاب: 56]، يعني: في أي وقت وأي مكان، وقصد الصلاة عند قبره، والتردد عليه من اتخاذه عيدًا، ونحن منهيّون عن ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَتَّخِذُوا قَبْرِي عِيدًا»؛ لأنَّ هذا وسيلة، فالصّلاة عليه تجوز في أي مكان دون المجيء إليه، فإذا كان هذا الحديث خرج من آل محمد صلى الله عليه وسلم وذريته التي يغالي بها المغالون، ويدعونهم من دون الله، فالأَولى لهؤلاء المغالين أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته قدوة لهم، وبهذا الحديث يبطل كل ما تعلّق به الخرافيّون.
الصفحة 3 / 417