×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

ففي هذا الحديث من الفوائد: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يُصلِّ الجمعة في هذا اليوم، كما أنه لم يكن يصليها هو ولا أصحابه في الأسفار، وإنما كانوا يُصلُّونها ظهرًا، فالذين يزعمون أنَّ الفرض في يوم الجمعة هو صلاة الجمعة على المسافرين وعلى الحاضرين وعلى كل أحد، هؤلاء قـد أخطؤوا، وليس عندهم فِقه في الشريعة، ولم يراجعوا النصوص ويتأمّلوا فيها، فالذي عليه جماهير المسلمين: أنَّ النبيّ صلى الله عليه وسلم لم يُصلِّ الجمعة في أسفاره، ولا كانت البوادي حول المدينة تصلّي الجمعة؛ لأنَّ صلاة الجمعة يُشترط لها الاستقرار والاستيطان. فقوله صلى الله عليه وسلم: «كُلُّ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيَّ مَوْضُوعٌ»: يدخل فيه ما كانوا عليه من العاداتِ والعبادات، مثل دعواهم: يا لِفلان، ويا لِفلان، ومثل أعيادهم، وغير ذلك من أمورهم.

***

هذا تعليق يعني: أنَّ كل مآثر الجاهلية من عادات وعبادات وتقاليد وتفاخر بالأنساب وأكلٍ للربا والأخذ بالثأر مرفوض، قد توقف العمل به؛ لأنَّ الله رفع هذه الأمة بالإسلام وأحكامه القائمة على أساس الوحي، في حين أنَّ تعاليم الجاهلية إنما هي من إملاء شياطين الإنس والجن، فهي باطلة، ولا يجوز العمل بها، لا في العبادات ولا في العادات، فالذين يريدون أن يحيوا أمور الجاهلية ويفتخروا بشخصيات الجاهلية، ويقيمون المناسبات والاحتفالات لها، يريدون أن يعيدوا شيئًا وضعه الرسول صلى الله عليه وسلم تحت قدميه.


الشرح