×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 بَيْنَهُمَا شَيْئًا، ثُمَّ رَكِبَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى أَتَى الْمَوْقِفَ، وذكر تمام الحديث.

***

هذا حديث عظيم اشتمل على أحكام ووصايا من سيد المرسلين لأمّته، وقد جاء هذا الحديث في سياق حَجة الوداع، وسُمِّيت حجة الوداع لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم ودَّع فيها الناس، فقال: «لَعَلِّي لاَ أَلْقَاكُمْ بَعْدَ عَامِي هَذَا»، ولم يحجّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بعد البعثة غير هذه الـحَجّة، وأما العُمْرة فقد اعتمر عليه الصلاة والسلام أربع مرات، اعتمر من الـجِعرانة، واعتمر عمرة الحديبية، وهي العمرة التي صُدَّ فيها عن البيت ورجع إلى المدينة، واعتمر عمرة القضاء، وهي العمرة التي اتّفق مع المشركين عليها في الحديبية بأن تكون في العام القادم، فسميت عمرة القضاء، بمعنى: المقاضاة، والرابعة: عمرته التي قرنها مع حجته عليه الصلاة والسلام هذه. وقد كانت خطبته العظيمة هذه في يوم عرفة، فقد رحل صباح هذا اليوم من منىً متوجهًا إلى عرفة، ونزل صلى الله عليه وسلم بنمرة، وهي قرية خَرِبة على حـدود مزدلفة بينها وبين عرفة، ثم إنَّه صلى الله عليه وسلم لما زالت الشمس رحل من نمرة، ونزل في وادي عُرَنة، وهو فاصل بين الحلّ والحرم، لا هو من عرفة، ولا هو من مزدلفة، فنزل فيه صلى الله عليه وسلم، وخطب هذه الخطبة العظيمة البليغة، ثم إنَّه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر جمعًا وقصرًا، ثم إنّه صلى الله عليه وسلم رحل إلى عرفة ووقف بها، فهو صلى الله عليه وسلم نزل بنمرة، وخطب وصلى بعُرنة، ووقف بعرفة، وفي خطبته بيّن صلى الله عليه وسلم قواعد الدين وأركان الملّة وأحكام التعامل والتحذير مما يحيط بالأمة من أخطار، وقد حضرها الجمع الغفير من المسلمين الذين وعوها ونقلوها. وكان مما قال في هذه الخطبة: «إِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ حَرَامٌ عَلَيْكُمْ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ


الشرح