وهذه
المشابهة لليهود والنَّصارى وللأعاجم من الروم والفرس، لما غلبت على ملوك الشَّرق
هي وأمثالها مما خالفوا به هدي المسلمين، ودخلوا فيما كرهه الله ورسوله، سلّط الله
عليهم التّرك الكافرين الموعود بقتالهم، حتى فعلوا في العباد والبلاد ما لم يجرِ
في دولة الإسلام مثله، وذلك تصديق قوله صلى الله عليه وسلم: «لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ
مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» ([1])، كما تقدم.
***
قوله: «وهذه المشابهة
لما غلبت على ملوك الشرق هي وأمثالها مما خالفوا به هدي المسلمين، سلَّط الله
عليهم الترك الكافرين» يعني بذلك: ما جرى من التتر على بلاد المسلمين، والتتر
بادية الترك، وما حصل من هؤلاء الملوك هو تصديق لقوله صلى الله عليه وسلم: «لَتَرْكَبُنَّ
سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» كما تقدم، فما حصل على هؤلاء الملوك هو بسبب
مخالفتهم لهدي المسلمين وتشبههم بالكافرين.
فقوله: «لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ...» هذا أبلغ من النهي عن التشبّه بالكفار، ودلَّ هذا الحديث على أنَّه سيكون في هذه الأُمَّة من يتشبه بالكفار، حتى في أتفه الأمور، وهذا أمر واقع الآن، فقوله: «حَتَّى لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ دَخَلَ جُحْرَ ضَبٍّ لَدَخَلْتُمْ» يعني: مع أنّ جُحر الضب معروف بصعوبته، وأنه لا فائدة من دخوله، لكن لو كان فيمن كان قبلنا من يعمل هذا العمل لوُجِد في هذه الأُمَّة من يعمله، وهذا هو من باب التحذير، حتى لا نخدع بما يستحسنه بعض الناس أو بعض الملوك، حيث يعتبرون الأمم الكفرية أممًا راقية وحضارية، وأنهم قد
([1])أخرجه: البخاري رقم (3456)، ومسلم رقم (2669).
الصفحة 5 / 417