×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 فخالفهم وأجاز إلى عرفة؛ إحياءً لسُنَّة إبراهيم عليه الصلاة والسلام، قَال َ تَعَالَى: ﴿ثُمَّ أَفِيضُواْ مِنۡ حَيۡثُ أَفَاضَ ٱلنَّاسُ [البقرة: 199] وكانوا في ليلة جمع - يعني: ليلة المزدلفة - إذا أفاضوا منها إلى مِنى في الصباح يتأخّرون حتى تطلع الشمس، ويقولون: أشرق ثبير كيما نغير - وثبيرُ: هو الجبل المطلُّ على مزدلفة وكانت الشمس أوَّل ما تخرج تشرق بنورها على ظهر الجبل المرتفع، فيقولون: أشرق ثبير كيما نغير - فخالفهم النبيُّ صلى الله عليه وسلم ونفر من مزدلفة قبيل طلوع الشمس، وقال: «خَالَفَ هَدْيُنَا هَدْيَ الْمُشْرِكِينَ». ومما ابتدعوه وأحدثوه: الإفاضة من عرفة قبل غروب الشمس، ومن المعلوم أنَّ الوقوف بعرفة للحجاج في اليوم التاسع هو الركن الأعظم من أركان الحج، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم: «الْحَجُّ عَرَفَةُ» فمن وقف في عرفة بالنهار، فإنَّه يجب أن يستمر وقوفه إلى غروب الشمس، كما فعل النبيُّ صلى الله عليه وسلم، ولا ينصرف من عرفة قبل الغروب، أما المشركون فكانوا ينصرفون منها قبل غروب الشمس، فالنبي صلى الله عليه وسلم أحيا ملّة أبيه إبراهيم بوقوفه حتى الغروب، قيل: هو ركن من أركان الحج، وقيل: إنَّه واجب وليس برُكن، فالركن هو الوقوف جزءًا من ليل أو نهار، وأما الاستمرار في الوقوف إلى الغروب فهو واجب من واجبات الحج، وليس بركن.


الشرح