لا يختص بشيء دون من
وُلِّي عليهم من طعام أو شراب، وإنما يساويهم بنفسه؛ لأنه إنما وُلِّي عليهم
ليخدمهم ويقوم على حاجتهم، ولا يستعمل الأثرة على من تولى عليهم، وأسوتنا في ذلك
رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه كان يجوع حتى يضع الحجر على بطنه من شدّة
الجوع، ويمر الهلال ثم الهلال ولا يوقد في بيته نار، وكان يقول: «وَلَكِنْ
أَشْبَعُ يَوْمًا وَأَجُوعُ يَوْمًا» ([1]). والأصل في المسلم
أن يكون متواضعـًا متزنًا في إنفاقـه من طعام وشراب، فلا يسرف ولا يقتر، لقوله صلى
الله عليه وسلم: «كُلُوا وَاشْرَبُوا وَالْبَسُوا فِي غَيْرِ سَرَفٍ وَلا
مَخِيلَةٍ» ([2]). ومحل الاستشهاد هو
قول عمر رضي الله عنه: وإياكم وزي الأعاجم، يحذّر من التشبّه بالأعاجم لا سيما في
لباسهم الخاص بهم، وهذا دليل على أننا منهيون عن التشبّه بالمشركين في أمورهم
الخاصة بهم، علاوة على منع التشبّه بهم في أمور العبادة، والسبب أنَّ التشبّه بهم
في الظاهر يدلّ على محبة في الباطن.
قوله: «أنَّ حذيفة أتى بيتًا فرأى فيه أباريق الصّفر...» وهذا الحديث أيضًا يدل على النهي عن التشبّه بالكفار، فحذيفة بن اليمان صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى شيئًا من زيِّ العجم في هذا البيت انصرف ولم يدخله، ثم روى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في منع التشبّه بالكفار، والصحابة رضي الله عنهم هم أهل الإيمان والعلم، لا يتساهلون في شيء
([1])أخرجه: البخاري رقم (5829)، ومسلم رقم (2069).