×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 من أمور الدين، ولا يجارون الناس على حساب دينهم، بل كانوا أكثر الناس تمسكًا بهدي النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولذلك سادوا الدنيا وملكوها، ولو أنهم تساهلوا في أمور الدين لانطمست معالم الإسلام وسننه، ولتسلّط أعداء الإسلام على المسلمين وكان المسلمون تبعًا لهم.

قوله: «كنا في وليمة فجاء أحمد بن حنبل، فلما دخل نظر إلى كرسي في الدار عليه فضة فخرج...» الإمام أحمد حضر لدعوة، فلما دخل رأى شيئًا من المنكر، وهو تحلية الكرسي بالفضة، فقال: إنَّ هذا من زيِّ المجوس ثم خرج ولم يرجع، والمجوس هم عبـدة النار من الفرس وغيرهم ممن اقتـدى بهم، ونحـن نهينـا عـن التشبه بأهل الكتـاب وبالمجوس، وبالأعاجم على وجه العموم، ليتميّز المسلمون عن غيرهم وتكون لهم شخصيتهم المستقلة، ويكونوا متبوعين لا تابعين، قال الله - عز وجل: ﴿وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ وَلَٰكِنَّ ٱلۡمُنَٰفِقِينَ لَا يَعۡلَمُونَ[المنافقون: 8].

وفي هذا من الفوائد: أنه لا تجوز المجاملة إذا كان الأمر يتعلق بمحذور شرعي، وأنه لا بدَّ من إنكار المنكر وعدم السكوت. فالإمام أحمد انصرف وأبدى السبب في انصرافه، وهو رؤيته المنكر، فهذا فيه أنَّه لا ينبغي السكوت على المنكرات التي تحدث في الحفلات وقصور الأفراح وما أكثرها، وأنَّ طالب العلم بالذات ينبغي أن ينكر هذه الأشياء، فإن لم تُزَلْ، فالواجب عليه أن لا يجلس فيها وأن ينصرف، وفي هذا سلامة لذمته، ونكاية لصاحب الدعوة، ولو أنَّ الدعاة وطلبة


الشرح