×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

 الدين، وعدم الغفلة عن كيـد الكافرين، والحذر من أن تزحف إلينا بدعهم وتخاريفهم. فالمقصود: أنَّ الحج في نفسه عبادة، وهو من دِين الإسلام، ولكنّ الصَّمت فيه زيادة فيه، وبدعة محدثة، وهذا ما يُسمى بالبدعة الإضافية. فالبدعة على قسمين: إما بدعة أصلية، وهي إحداث عبادة لم يأذن الله بها ولا رسوله، وإما أن تكون العبادة أصلها مشروع، لكن يُزاد عليها شيء ليس منها، وهي البدعة الإضافية، مثل الصَّمت في الحج، فإنَّ هذه بدعة إضافية، فأبو بكر رضي الله عنه أنكر على هذه المرأة فعلها، فلما سألته: ما بقاء هذا الأمر؟ يعني: هذا الدين متى يستمر؟ قال: ما استقامت أئمتكم، فمعناه أنَّ بقاء هذا الدين مرهون بمحافظة أئمة الإسلام عليه - يعني: ولاة الأمور والعلماء - وذلك بالمحافظة عليه والدفاع عنه، ونشره وتسيير الدعاة إلى الأقطار، أما إذا أُهمل ونُسي، فإنه يزول عن بعض البلاد التي لم تتمسك به، ولم يقم ولاة أمورها بنصرته فيها. ومن المعلوم أنه إذا صلح ولاة الأمور صلح العباد، وإذا فسدوا فإنَّ ضررهم وفسادهم يتعدى إلى غيرهم، لذلك مسؤوليتهم أعظم أمام الله سبحانه وتعالى أما أفراد الناس، فليس لهم سلطة، ولو كان عندهم غَيْرة، لكن ليس لهم سلطة، فالدين لا بد له من سلطة لتنفيذه، قال الله تعالى: ﴿وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡمِيزَانَ لِيَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَنزَلۡنَا ٱلۡحَدِيدَ فِيهِ بَأۡسٞ شَدِيدٞ وَمَنَٰفِعُ لِلنَّاسِ [الحديد: 25]، فلا بد من حديد وكتاب، الكتاب يبيِّنُ الحق، والحديد يُلزم بالحق، وذلك بالجهاد، وإقامة الحدود، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.


الشرح