×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

هذا عنهم ولم يُنكر لذلك فهو نوع من أنواع الإجماع. ومن ذلك أنه: «دَخَلَ أَبُو بَكْرٍ عَلَى امْرَأَةٍ مِنْ أَحْمَسَ...» هذا مثال من فعل الصحابة، وفيه دليل على أنَّ الواجب مخالفة الكفار وعدم إظهار فعلهم، ولعلَّ هذه الحادثـة حصلت في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم، وذلك أنَّ امرأة من أَحمس - وهي قبيلة من قبائل العرب يُقال لها: الأحمس، ويُنسب إليها الأحمسي- دخل عليها أبو بكر وهي صامتة لا تتكلم، فقال: ما شأنها؟ قالوا: إنها حاجَّة، كأنها ظنَّت أنَّ الحاج لا يتكلم بعد حجّه، فنهاها رضي الله عنه عن ذلك، وقال: إنَّ هذا من دِين الجاهلية، هم الذين يفعلون ذلك، حيث إن الصمت عبادة عندهم، فالله لم يأمرنا بالصمت في الحج، بل أمرنا بالذكـر، حيث قال: ﴿وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ كَثِيرٗا [الأنفال: 45] ﴿وَٱذۡكُرُواْ ٱللَّهَ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡدُودَٰتٖۚ [البقرة: 203]، وقال تعالى: ﴿وَيَذۡكُرُواْ ٱسۡمَ ٱللَّهِ فِيٓ أَيَّامٖ مَّعۡلُومَٰتٍ [الحج: 28]، فليس من شعائر الحج الصمت إلاَّ عند أهل الجاهلية. ثم إنها سألت أبا بكر: من أنت؟ فأخبرها، فلما عرفته قالت: وما بقاؤنا على هذا الأمر؟ يعني: على الإسلام؟ قال: ما استقامت لكم أئمتكم، ويعني بذلك: الولاة، فإذا استقام ولاة أمور المسلمين على نُصرة الإسلام، فإنَّ الإسلام يبقى، وإذا تخاذل ولاة الأمور عن نُصرته، فإنَّ الإسلام يضمحلُّ - يعني: في بعض الأماكن، لكن لا يزول بالكلِّيَّة؛ لأنَّه سيبقى إلى أن تقوم الساعة، وسَيُظهر الله دينه ويدخل الإسلام كل مكان. وهنا يأتي دور ولاة الأمور في الذَّب عن الإسلام والمسلمين، وعمل كل ما من شأنه إعزاز هذا


الشرح