وروى ابن أبي
عاصم: حدثنا وهب بن بقية، حدثنا خالد الواسطيُّ، عن عمران بن حُدير، عن ابن مِجلز،
أَنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ تَسْوِيَةَ الْقُبُورِ مِنَ
السُّنَّةِ، وقد رفعت اليهود والنصارى، فلا تشبّهوا بهم. يشير معاوية إلى ما رواه
مسلم في «صحيحه» ([1]) عن فَضالة بن
عُبيد: أنَّه أمر بقبر فسوِّي، ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر
بتسويتها. رواه مسلم. وعن أبي الهياج الأسدي، عن عليٍّ أيضًا، قال: أمرني النبيُّ
صلى الله عليه وسلم ألاَّ أدع قبرًا مشرفًا إلاَّ سويته، ولا تمثالاً إلاَّ طمسته،
رواه مسلم ([2]). وسنذكر - إن شاء
الله تعالى - عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنَّه قال: مَن بنى ببلاد المشركين،
وصنع نيروزهم ومهرجانهم حتى يموت، حُشر معهم يوم القيامة.
***
قوله: «أَنَّ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ: إِنَّ تَسْوِيَةَ الْقُبُورِ مِنَ السُّنَّةِ...» وهذا حديث آخر فيه نهيٌ عن فعل مُعلّلٌ بالتّشبّه باليهود، فقد علّل معاوية الصحابي الجليل منع رفع القبور لأنَّ اليهود تفعله، حيث يرفعون القبور، وهذا غلوّ في الأموات، ووسيلة من وسائل الشرك، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: «لاَ تَدَعَ تِمْثَالاً إلاَّ طَمَسْتَهُ، وَلاَ قَبْرًا مُشْرِفًا - أي: مرتفعًا - إلاَّ سَوَّيْتَهُ» ([3])، فالقبور تُسوَّى، ولا تُرفع عن الأرض إلاَّ قدر شِبر من أجل أن تُعرف أنها قبور فلا تُداس، ولا يُزاد
([1])أخرجه: مسلم رقم (968).
الصفحة 1 / 417