وبدون ما ذكـرناه يُعلَم
إجماع الأمّة على كَراهـة التشبّه بأهل الكتـاب والأعاجم في الجملة، وإن كانوا قد
يختلفون في بعض الفروع، إمّا لاعتقاد بعضِهم أنّه ليس من هَدْي الكفّار، أو
لاعتقـادٍ أنَّ فيه دليـلاً راجحـًا، أو لغير ذلك.
كما أنهم مُجمِعون
على اتِّباع الكتاب والسُّنّة، وإن كان قد يخالف بعضُهم شيئًا من ذلك لنوع تأويلٍ،
والله سبحانه أعلم.
***
لإثبات القاعدة. وما
ذكره من كلام بعضهم يدلُّ على كلام بقيَّتهم، لأنَّه ليس الغرض الاستقصاء، وإنما
الغرض إثبات الأمثلة التي تدلّ على القاعدة.
هذا اختصار لما سبق
من أنَّ الغرض تقرير القاعدة في منع التشبُّه بالكفّار، وأنَّ هذا أمر مُجمع عليه
عند المسلمين وإن اختلفوا في بعض الفُروع، فهو مُجمَع عليه في الأصل وإن اختلفوا
في بعض التفاصيل، إما لأنَّه ليس هناك دليل يمنع من هذا الشيء، أو لأنَّ هذا الشيء
فيه دليل راجح، يدل على جوازه أو غير ذلك، فهذا لا يخرم القاعدة، وهي إجماعهم على
تحريم التشبّه بالكفار إجمالاً.
قوله: «كما أنهم مجمعون على اتِّباع الكتاب والسُّنَّة» أي: مجمعون إجماعًا قطعيًّا على وجوب اتِّباع الكتاب والسُّنّة، مع أنهم قد يختلفون في بعض المسائل لعذر من الأعذار عندهم. وقد بيَّن هذا الشيخ رحمه الله وبسطه في رسالته المشهورة العظيمة «رفع الملام عن الأئمة الأعلام»، فقد ذكر فيها بيان الأعذار التي يُعذر فيها المخالف، فمنها كونه لم يبلغه الدليلُ الذي مع مخالِفه، أو أنه بلغه هذا الدليل ولم يصحّ