×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

فإنَّه علَّل النَّهْيَ عن الأكل والشُّرب بالشِّمال، بأنَّ الشيطان يفعل ذلك، فعُلم أنَّ مخالفةَ الشيطانِ أمر مقصودٌ مأمورٌ به، ونظائرُه كثيرةٌ.

***

من ذُرِّيته، أو من بني آدم. وقد نهانا صلى الله عليه وسلم عن الأكـل بالشمال، والشُّرب بها، وذلك لأنَّ الشيطان يأكل بشماله، فإذا أكلت بشمالك تكون قد تشبَّهت بالشيطان، وهذا من صَنيع الكفّار، فهم يأكلون بشمالهم، ويكتبون بشمالهم، ويتناولون بشمالهم؛ لأنَّهم أتباع الشيطان. وعلى المسلم أن يتجنب هذا الشيء فيحرص على أن يأكل بيمينه، ويشرب بيمينه، ويقدّم كلَّ مُستَطابٍ بيمينه، ويتناول كلَّ مستكره بشماله من إزالة الأذى والتنظيف، ونحو ذلك ممّا هو مُستكرَه أو مُستقذَر، امتثالاً لما طَلَبَ الشارعُ منه، لِـمَا في ذلك من تحقيق المصلحة التي أرادها له.

قوله: «فإنَّه علَّل النَّهيَ عن الأكل والشُّرب بالشَّمال» يعني: أنَّ الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن الأكل والشُّرب باليد اليسرى، وعلّل ذلك بأنَّ الشيطان يأكل بشماله، هذه هي علّة النَّهي. فدلَّ هذا على وجوب عدم التشبُّه بالشيطان من الأكل بالشمال والشرُّب بها، ودخل في هذا كلُّ ما هو من شأن الشياطين، فعلى المسلم أن يتجنبه. فإنَّه إذا جاء في كتاب الله، أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قول، فلا يسعنا أن نخالفه بأي وجه، وبأيِّ حجّة، قَال َ تَعَالَى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤۡمِنٖ وَلَا مُؤۡمِنَةٍ إِذَا قَضَى ٱللَّهُ وَرَسُولُهُۥٓ أَمۡرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ ٱلۡخِيَرَةُ مِنۡ أَمۡرِهِمۡۗ وَمَن يَعۡصِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ فَقَدۡ ضَلَّ ضَلَٰلٗا مُّبِينٗا [الأحزاب: 36]، لكن يُستثنى من هذا مَن كان يحتاج إلى استعمال اليد الشمال، فلا مانع، وإنما الممنوع المنهيُّ عنه


الشرح