وعامّة سورة
التوبة فيها الذمّ للمنافقين، من أهل المدينة ومن الأعراب، كما فيها الثَّناء على
السابقين الأَوّلينَ من المهاجرين والأنصار، والذين اتَّبعوهم بإحسان، وعلى
الأعراب الذين يَتخذون ما يُنفقون قُربات عند الله وصَلَواتِ الرَّسول.
***
بأنَّ السُّكنى تكفي كما يظن
بعض الخرافيين، فهذا غير صحيحٍ، والشيخ رحمه الله إنما ذكر هذا الكلام للردِّ على
هؤلاء وأمثالهم، وذكر قوله تعالى: ﴿وَمِنۡ أَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لَا
تَعۡلَمُهُمۡۖ نَحۡنُ نَعۡلَمُهُمۡۚ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيۡنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ
إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٖ﴾. فلا شكَّ أنَّ مَن
يكتفي بسكنى الحرمين، ولا يؤمن بالله ولا برسوله الإيمان المطلوب، ويقارف البدع
والمحدَثات والخرافات ويزاولها في أرض الحرمين، أنه أشدُّ عذابًا ممن زاول الشرك
والبدع في خارج الحرمين.
سورة التوبة أولها قوله تعالى: ﴿بَرَآءَةٞ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦٓ﴾ [التوبة: 1] تُسمَّى بالفاضحة؛ لأنها فضحت المنافقين، وبيَّنت مخازيهم، وذكرت أنَّ المنافقين قد يكونون من الأعراب ومن الحاضرة من أهل المدينة.كما أنَّ سورة التوبة فيها أيضًا الثناء على المهاجرين الذين تركوا أوطانهم وهاجروا إلى المدينة، وتحمَّلوا الغُربة، وفارقوا الأولاد والأوطان، وجاهدوا في سبيل الله، وفيها أيضًا ثَناءٌ على الأنصار الذين هم أهل المدينة، حيث استقبلوا إخوانهم المهاجرين وواسوهم بأموالهم وبيوتهم، ونصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبقوا إلى ذلك غيرهم. ثم قال: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحۡسَٰنٖ﴾ [التوبة: 100]، يعني: الذين جاؤوا من بعد المهاجرين والأنصار، وسَلَكوا منهجهم في نصرة الإسلام والمسلمين