وفي «الصحيحين»
([1]) عَنْ أَبِي
الْغَيْثِ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا جُلُوسًا عِنْدَ
النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَأُنْزِلَتْ عَلَيْهِ سُورَةُ الْجُمُعَةِ: ﴿وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ﴾، قَالَ: قُلْتُ:
مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللهِ؟ فَلَمْ يُرَاجِعْهُ حَتَّى سَأَلَ ثَلاَثًا،
وَفِينَا سَلْمَانُ الْفَارِسِيُّ، وَضَعَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم
يَدَهُ عَلَى سَلْمَانَ، ثُمَّ قَالَ: «لَوْ كَانَ الإِْيمَانُ عِنْدَ
الثُّرَيَّا، لَنَالَهُ رِجَالٌ، أَوْ رَجُلٌ، مِنْ هَؤُلاَءِ».
***
يؤخَذ من هذا أنَّ العبرة بالجنس لا بالأفراد، فإذا قلنا: إنَّ جنس العربي أفضل من جنس العجميّ، وإنَّ جنس سكّان الحاضرة أفضل من جنس سكّان البادية، فليس معنى ذلك أنه لا يوجد في أفراد تلك الجهات خير كثـير، فالعبرة إنما هي بالعموم، وليست بالنسبة للأفراد، فإنَّ العرب أفضل من العجم من حيث الجنس، لكن من حيث الأفراد فإنَّه يوجد في أفراد العجم من هو أفضل من كثير من العرب، مثل سلمان الفارسي رضي الله عنه. ففي هـذا الحديث لما نزل على الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: ﴿وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ﴾ [الجمعة: 3]، أي: في العرب، وهم الأميُّون؛ لأنهم ليس لهم كتاب، فسمُّوا بالأميِّين؛ لأنهم كانوا لا يكتبون ولا يقرؤون، فالله فضَّلهم ببعثة هذا الرسول صلى الله عليه وسلم وبتعليمهم، حتى صاروا علماء بعد أن كانوا أميين، لكن لا يُفهم من هذا أنهم أفضل مطلقًا من العجم، فقد يوجد في العجم من يَمُنُّ الله عليه بالإيمان والعلم، فيصير له من الفضل أكثر من كثير من العرب، وعلى هذا جاء قولُه: ﴿وَءَاخَرِينَ مِنۡهُمۡ لَمَّا يَلۡحَقُواْ بِهِمۡۚ وَهُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ﴾. ولـمّا
الصفحة 1 / 417