×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الثاني

إذ الفضلُ الحقيقيُّ: هو اتِّباع ما بَعَثَ الله به محمَّدًا صلى الله عليه وسلم من الإيمان والعلم باطنًا وظاهرًا، فكل مَن كان فيه أمكَنُ: كان أفضلَ. والفضلُ إنَّما هو بالأسماء المحمودة في الكتاب والسُّنَّة، مثل: الإسلام والإيمان، والبِرّ والتَّقوى، والعلمِ والعملِ الصالح والإحسـان، ونحوِ ذلك، لا بمجرَّد كون الإنسان عربيًّا أو عجميًّا، أو أسودَ أو أبيضَ، ولا بكَونه قَرَويًّا أو بَدَويًّا.

***

 الفضل الحقيقي إنما هو باتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، سواءً كان هذا المتبع عربيًّا أو عجميًّا، والخذلان على من خالف أمر الرسول صلى الله عليه وسلم، ولو كان عربيًّا، فهذا عمّه أبو لهب أنزل الله القرآن بذمِّه ووعيده، وهذا أبو جهل المخزومي كان من أفضل بطون قريش، فلم ينفعهما نَسبُهما، ولا ضرَّ سلمانَ وبلالاً وغيرَهما أنهم كانوا من الموالي، فلقد كانوا من سادات السابقين الأولين في الإسلام. فالعبرة ليست بالنَّسب ولا بالبقعة، وإنما العبرة بالإيمان الصادق والعلم النافع، والعمل الصالح، هذا هو مناط الفضل.

وقوله: «الفضل إنما هو بالأسماء المحمودة...» كالإيمان والإسلام والدين؛ هذه قاعدة مُهمَّة حيث العبرة بالإيمان والعمل، لا بمجرَّد النَّسب، أو بمجرَّد المكان أو اللغة أو غير ذلك، المدار على العلم النافع والعمل الصالح والإخلاص لله عز وجل وهذا ما أعلنه الرسول صلى الله عليه وسلم في خطبته في حَجَّة الوداع حين قال: «لاَ فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى عَجَمِيٍّ، وَلاَ لأَِبْيَضَ عَلَى أَسْوَدَ إلاَّ بِالتَّقْوَى، كُلُّهُمْ لآِدَمَ، وَآدَمُ مِنْ تُرَابٍ» ([1]).


الشرح

([1])أخرجه: أحمد رقم (23289)، والبيهقي في «الشعب» رقم (4774).